الخامس عشر : ما عن الأصم : أن المحكم ما اجمع على تأويله والمتشابه ما اختلف فيه وكأن المراد بالإجماع والاختلاف كون مدلول الآية بحيث يختلف فيه الأنظار أو لا يختلف .
وفيه : أن ذلك مستلزم لكون جميع الكتاب متشابهاً وينافيه التقسيم الذي في الآية إذ ما من آيه من آي الكتاب إلا وفيه اختلاف ما : إما لفظاً أو معنى أو في كونها ذات ظهور أو غيرها ، حتى ذهب بعضهم الى أن القرآن كله متشابه مستدلاً بقوله تعالى : « كِتَابًا مُّتَشَابِهًا » الزمر ـ ٢٣ ، غفلة عن أن هذا الاستدلال منه يبتني على كون ما استدل به آية محكمة وهو يناقض قوله ، وذهب آخرون إلى أن ظاهر الكتاب ليس بحجة أي أنه لا ظاهر له .
السادس عشر : أن المتشابه ما أشكل تفسيره لمشابهته غيره سواء كان الإشكال من جهة اللفظ أو من جهة المعنى ، ذكره الراغب .
قال في مفردات القرآن : والمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره إما من حيث اللفظ ، أو من حيث المعنى ، فقال الفقهاء : المتشابه ما لا ينبیء ظاهره عن مراده ، وحقيقة ذلك : أن الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب : محكم على الإطلاق ، ومتشابه على الإطلاق ، ومحكم من وجه متشابه من وجه .
فالمتشابه في الجملة ثلاثة أضرب : متشابه من جهة اللفظ فقط ، ومتشابه من جهة المعنى فقط ، ومتشابه من جهتهما . والمتشابه من جهة اللفظ ضربان : أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة ، وذلك إما من جهة غرابته نحو الأبّ ويزفّون ، وإما من جهة مشاركة في اللفظ كاليد والعين ، والثاني يرجع إلى جملة الكلام المركب ، وذلك ثلاثة أضرب : ضرب لاختصار الكلام نحو « وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء » وضرب لبسط الكلام نحو ليس كمثله شيء لأنه لو قيل ليس مثله شيء كان أظهر للسامع ، وضرب لنظم الكلام نحو « أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيماً » تقديره الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجاً ، وقوله : ولولا رجال مؤمنون الى قوله : لو تزيلوا .
والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى
وأوصاف يوم القيامة ، فإن تلك