ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك ، وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا ، قال : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم فأبوا ، قال : فإني اناجزكم ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي اليك كل عام ألفي حلة : ألف في صفر ، وألف في رجب ، وثلاثين درعاً عادية من حديد فصالحهم على ذلك .
وقال : والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا .
اقول : وروى القصة : قريباً منه في كتاب المغازي عن ابن إسحق ، ورواه أيضاً المالكي في الفصول المهمة عن المفسرين قريباً منه ، ورواه الحموي عن ابن جريح قريباً منه .
وقوله : ألف في صفر المراد به المحرم وهو أول السنة عند العرب وقد كان يسمى صفراً في الجاهلية فيقال صفر الأول وصفر الثاني وقد كانت العرب تنسیء في الصفر الأول ثم أقر الإسلام الحرمة في الصفر الأول فسمي لذلك بشهر الله المحرم ثم اشتهر بالمحرم .
وفي صحيح مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب ، قال أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خلفه في بعض مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر : لاعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : أُدعوا لي علياً فاتي به أرمد العين فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله على يده . ولما نزلت هذه الآية : قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل ، دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي .