هذا كله في التأخير وأما التعجيل فالمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة أنه لا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب ، فان آثر ذلك دفع مثلها قرضا ولا يكون ذلك زكاة ولا يصدق عليها اسم التعجيل فإذا جاء وقت الوجوب احتسبها زكاة إن شاء كغيرها من الديون بشرط بقاء المقترض على صفة الاستحقاق ، خلافا لابن أبي عقيل وسلار ، قال الأول : « يستحب إخراج الزكاة وإعطاؤها في استقبال السنة الجديدة في شهر المحرم ، وان أحب تعجيله قبل ذلك فلا بأس » وقال أيضا : « ومن أتاه مستحق فأعطاه شيئا قبل حلول الحول وأراد أن يحتسب به في زكاته أجزأه إن كان قد مضى من السنة ثلثها إلى ما فوق ذلك ، وإن كان قد مضى من السنة أقل من ثلثها فاحتسب به من زكاته لم يجزئه ، بذلك تواترت الأخبار عنهم عليهمالسلام » وقال سلار : « وقد ورد الرسم بجواز تقديم الزكاة عند حضور المستحق » لكن الثاني لا صراحة في كلامه ، بل ولا ظهور معتد به ، فينحصر الخلاف حينئذ في الأول الذي دعاه إلى ذلك ما سمعته من دعوى تواتر النصوص اليه ، وإن كان ما وصل إلينا منها ليس كذلك.
نعم قد سمعت صحيحتي (١) حماد ومعاوية بن عمار (٢) وفي الصحيح عن أبي بصير (٣) عن الصادق عليهالسلام « سألته عن رجل يكون نصف ماله عينا ونصفه دينا فتحل عليه الزكاة قال : يزكي العين ويدع الدين ، قلت : فانه اقتضاه بعد ستة أشهر قال : يزكيه حين اقتضاه ، قلت : فإنه هو حال عليه الحول وحل الشهر الذي كان يزكي فيه وقد أتى لنصف ما له سنة ونصف الآخر ستة أشهر قال : يزكي الذي مر عليه سنة ويدع الآخر حتى تمر عليه سنة ، قلت : فإذا اشتهى أن يزكي ذلك قال : ما أحسن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ١١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٩.
(٣) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ٦ ـ من أبواب من تجب عليه الزكاة ـ الحديث ٩ وذيله في الباب ٤٩ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ٤.