والأقوى في الجواب أن الآية عند بسط يد الامام وظهور السلطنة التي أشير إليها بقوله عليهالسلام (١) : « الامام يرى رأيه بقدر ما رآه. فان رأى أن يقسم الزكاة على السهام التي سماها الله قسمها ، وإن أعطى أهل صنف واحد رآهم أحوج لذلك في الوقت أعطاهم ».
ومما يؤيد ذلك أنه بعد موت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما اغتصب الناس منصب السلطنة جروا على آثارها ، وأرسلوا عمالهم على جبايتها ، وحاربوا من منعها ، واستحلوا دماءهم وسموهم أهل الردة ، وفي دعائم الإسلام (٢) « وإن أحدا لم يكن يفرق زكاته بنفسه كاليوم » بل عن أكثر فقهاء العامة إيجاب الدفع إلى الأمراء وإن علم عدم صرفها في محالها ، ورووا ذلك عن سعد بن مالك وأبي سعيد الخدري وعبد الله ابن عمر وأبي هريرة وعائشة والحسن البصري وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد ابن جبير والأوزاعي والشافعي وأبي ثور وغيرهم حتى حكي عن بعضهم أنه سئل عن الزكاة فقال : ادفعوها إلى الأمراء ولو أكلوا بها لحوم الحيات ، وعن آخر أنه سئل كذلك فأجاب بالدفع إلى الأمراء ، فقيل له : إنهم يشترون بها العقد والدرر وينفقونها فقال : ما أنتم وذلك ، أمرتم بدفعها إليهم وأمروا بصرفها في وجوهها ، فعليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا ، وعن ابن عمر أنه قال : أربعة إلى السلطان : الزكاة والجمعة والفيء والحدود ، وأنه قيل : إن السلطان يستأثر بالزكاة فقال : ما أنتم وذلك ، أرأيتم لو أخذتم لصوصا فقطعتم بعضا وتركتم بعضا أكنتم مصيبين؟ قالوا : لا ، قال : فلو رفعتم إلى السلطان فقطع بعضهم وترك بعضهم أكان عليكم من ذلك شيء؟ قالوا : لا ، قال :
__________________
(١) البحار ـ ج ٢٠ ص ١٩ من طبعة الكمباني.
(٢) دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢ وفيه « وإن أحدا لم يكن يفرق زكاة ماله على المساكين كما يفعل اليوم عامة الناس. إلخ ».