مذهب العامة من البناء على الأقل ، فلعله ترك فيه التسليم لذلك أيضا ، ولو أغضي عن ذلك كله فأقصاهما عدم الذكر الذي لا ينافي تلك الأدلة ، فلا يدلان حينئذ على الندب كموثق يونس بن يعقوب (١) الذي قال فيه لأبي الحسن عليهالسلام : « صليت بقوم فقعدت للتشهد ثم قمت فنسيت أن أسلم عليهم فقال عليهالسلام : ألم تسلم وأنت جالس؟ قال : بلى قال : لا بأس عليك » ضرورة ظهوره في كون الفرض أنه بعد أن أتم صلاته سلم ولم يلتفت إلى القوم بوجهه ، ولذا قال له : « ألم تسلم وأنت جالس » يعنى ألم تأت بالصيغة الواجبة ، بل في سؤاله واستفهام الامام عليهالسلام إشعار بمعلومية دخول التسليم في التشهد ، ولعل المراد حينئذ الصيغة الأولى لأنها هي المعروفة بذلك كما لا يخفى على من لاحظ النصوص.
وأما الاستدلال بأنه لو وجب التسليم لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه وبين التشهد ، واللازم باطل فالملزوم مثله ، أما الملازمة فإجماعية ، وأما بطلان اللازم فل صحيح زرارة (٢) عن الباقر عليهالسلام « سأله عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم قال : تمت صلاته ، وإن كان مع إمام فوجد في بطنه أذى فسلم في نفسه وقام فقد تمت صلاته » وقول الصادق عليهالسلام في حسن الحلبي (٣) : « إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا ، وإن كنت قد تشهدت فلا تعد » وموثق غالب بن عثمان (٤) سأله « عن الرجل يصلي المكتوبة فيقضي صلاته ويتشهد ثم ينام قبل أن يسلم قال : تمت صلاته ، وإن كان رعافا فاغسله ثم ارجع فسلم » وصحيح زرارة (٥) عن أبي جعفر عليهالسلام « في الرجل يحدث بعد أن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ٦.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب التشهد ـ الحديث ١.