لا يتنافى مع نفسيته وخلقه الكريم ؛ ويتنافى قتل الإمام مع الاكرام والمحبة له وللعلويين مع نفسيته وخلقه الكريم أيضا؟! ..
وأيضا هل بعد كل ذلك ، يمكن أن يقال : إن مصاهرته للإمام تمنعه من الغدر به ، ودس السم إليه؟! ولقد بينا في فصل : ظروف البيعة بعض أهدافه من تزويجه ، وتزويج ولده الجواد ، وتزويج الفضل أيضا .. وتحدثنا أيضا عن السبب في لباسه الخضرة ، ودوافع ولاية العهد ، وغير ذلك من أمور.
بل نجرؤ على القول هنا : إن المأمون قد اكره الامام (ع) على هكذا زواج ؛ إذ كيف يمكن أن نتصور رجلا حكيما عاقلا ، زاهدا في الدنيا .. يقدم ويرغب في زواج طفلة ومن هي بالنسبة إليه بمنزلة حفيدته ، بل أصغر ؛ حيث كان يكبرها بحوالي أربعين سنة .. ثم لا يكون هناك سرّ آخر يكمن وراء مثل هكذا زواج؟! ، إلا أن يدعي هؤلاء : أن ذلك يتفق مع العقل والحكمة ، وينسجم مع زهد الامام في الدنيا ، وانصرافه عنها ..
وإذا كان ثمة سرّ آخر يكمن وراء ذلك الزواج ، فان ما تجدر الاشارة إليه هنا هو أنه (ع) لم يكن يستطيع التصريح بحقيقة الأمر ، وواقع القضية إلى آخر ما قدمناه في فصل : ظروف البيعة.
وأما قوله بتفضيل علي (ع) على جميع الخلق .. فاننا إن لم نقل : أنه كان من ضمن المخطط ، الذي كان قد رسمه للوصول إلى مآربه وأهدافه ـ كما اتضح في فصل ظروف البيعة .. فاننا ـ ونحن نرى تباين مواقفه وتصريحاته ـ نرى أنفسنا مضطرين إلى القول : بأنه لم يكن ينطلق في مواقفه السياسية من مواقف عقائدية ..
وأما إكرامه للعلويين .. فقد تقدم تصريحه في كتابه للعباسيين : بأن ذلك ما كان منه إلا سياسة ودهاء .. وتقدم أنه بعد وفاة الرضا (ع)