فإن قيل : الثابت من العمومات استحقاق الأبوين ومن شابههما نصيبهم ، كالسدس مثلاً من جميع التركة مشاعاً ، ومنها الحبوة ، فإذا علم بدليلٍ اختصاصها بواحد من الورثة يعلم عدم استحقاقهم السدس منها ، فيبقى سدس غيرها ، ولا دلالة على وجوب أخذ سدس الحبوة من غيرها.
قلنا : لا دلالة في قوله تعالى ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) وغيره من العمومات على الإشاعة ، بل يدل على اشتراكهم في التركة بالسدس مثلاً ، والاشتراك أعم من الإشاعة وغيرها ، وإنما يحكم بالإشاعة لدليل من خارج ، وهو عدم المرجح. ألا ترى أنّ قول القائل : نصف هذه الدار لزيد ، يحتمل الإشاعة وعدمها ، ولذا يصح الاستفسار بأنّ هل له النصف مشاعاً أو مفروزاً. ثم أخبار الحبوة دلت على ترجيح غير الحبوة ، في وجوب أخذ نصيبهم منه فيأخذون منه ؛ على أنّ العمومات لو دلت على الإشاعة تكون أخبار الحبوة كالمقسّم لبعض التركة.
احتج المشهور بعد الإجماع الذي ادعاه الحلي (١) : بأنّ الثابت من النصوص اختصاص الحبوة به ، واحتسابها من سهمه أمر خارج عن حقيقة الاختصاص ، ولا دلالة له عليه مطلقاً ، فالأصل عدم وجوبه.
وأنّ إطلاقها يدل على استحقاقه لها من غير شرط ، فلو كان مشروطاً بالاحتساب لزم تأخير البيان عن وقت الخطاب والحاجة.
وأنّ قوله « سيفي لفلان » يوجب ملكه بغير عوض ، فكذا هنا ، للاشتراك في المانع والمقتضي. وأنّ الوارث يخصّ بسهمه من غير عوض
__________________
(١) السرائر ٣ : ٢٥٨.