فليس للمولى أن يعاقبه على شربه للخمر ما دام قد استند إلى قطعه ، وهذا أحد الجانبين من حجّية العلم ، ويسمّى بجانب المعذِّرية.
والآخر : أنّ العبد إذا تورّط في مخالفة المولى نتيجةً لتركه العمل بقطعه فللمولى أن يعاقبه ويحتجّ عليه بقطعه ، كما إذا قطع العبد بأنّ الشراب الذي أمامه خمر ، فشربه ، وكان خمراً في الواقع فإنّ من حقِّ المولى أن يعاقبه على مخالفته ؛ لأنّ العبد كان على علمٍ بحرمة الخمر وشربه فلا يُعذَر في ذلك ، وهذا هو الجانب الثاني من حجّية القطع ، ويسمّى بجانب المنجّزية.
وبديهيّ أنّ حجّية القطع بهذا المعنى الذي شرحناه لا يمكن أن تستغني عنها أيّ عمليةٍ من عمليات استنباط الحكم الشرعي ؛ لأنّ الفقيه يخرج من عملية الاستنباط دائماً بنتيجة ، وهي العلم بالموقف العمليّ تجاه الشريعة وتحديده على أساس الدليل ، أو على أساس الأصل العملي ، ولكي تكون هذه النتيجة ذات أثرٍ لا بدّ من الاعتراف مسبقاً بحجّية القطع ، إذ لو لم يكن القطع حجّةً ولم يكن صالحاً للاحتجاج به من المولى على عبده ، ومن العبد على مولاه لكانت النتيجة التي خرج بها الفقيه من عملية الاستنباط لغواً ؛ لأنّ علمه ليس حجّة ، ففي كلّ عملية استنباطٍ لا بدّ إذن أن يدخل عنصر حجّية القطع ؛ لكي تعطي العملية ثمارها ويخرج منها الفقيه بنتيجةٍ إيجابية.
وبهذا أصبحت حجّية القطع أعمّ العناصر الاصولية المشتركة وأوسعها نطاقاً.
وليست حجّية القطع عنصراً مشتركاً في عمليات استنباط الفقيه للحكم الشرعيّ فحسب ، بل هي في الواقع شرط اساسيّ في دراسة