الطريق الاول : أن نستدل على ماضى السيرة العقلائية بواقعها المعاصر لنا. وهذا الاستدلال يقوم على افتراض الصعوبة فى تحول السيرة من سلوك إلى سلوك مقابل ، وكون السيرة العقلائية معبرة بوصفها عقلائية ـ عن نكات فطرية وسليقة نوعية وهى مشتركة بين العقلاء فى كل زمان.
ولكن الصحيح عدم صحة هذا الاستدلال ، إذ لا صعوبة فى تصور تحول السيرة بصورة تدريجية وبطيئة إلى أن تتمثل فى السلوك المقابل بعد فترة طويلة من الزمن ، وما هو صعب الافتراض التحول الفجائى العفوى ، كما أن السلوك العقلائى ليس منبثقا دائما عن نكات فطرية مشتركة ، بل يتأثر بالظروف والبيئة والمرتكزات الثقافية إلى غير ذلك من العوامل المتغيرة ، فلا يمكن أن يعتبر الواقع المعاصر للسيرة دليلا على ماضيها البعيد.
الطريق الثانى : النقل التاريخى ، إما فى نطاق التاريخ العام ، أو فى نطاق الروايات والاحاديث الفقهية. ويتوقف اعتبار هذا النقل إما على كونه موجبا للوثوق والعلم ، أو على تجمع شرائط الحجية التعبدية فيه ، وفى هذا المجال يمكن الاستفادة من الروايات نفسها ، لانها تعكس ضمنا جوانب من حياة الرواة والناس وقتئذ ، كما يمكن الاستفادة أيضا من فتاوى الجمهور فى نطاق المعاملات مثلا باعتبارها منتزعة أحيانا عن الوضع العام المرتكز عقلائياإلى جانب دلالات التاريخ العام.
الطريق الثالث : أن يكون لعدم قيام السيرة المعاصرة للمعصومين على الحكم المطلوب لازم يعتبر انتفاؤه وجدانيا ، فيثبت بذلك قيام السيرة على ذلك النحو. ولنوضح ذلك فى مثال كما يأتى :