بُيُوتِكُم إنَّ في ذَلِكَ لآيةً لَكُمْ إنْ كُنْتُم مُؤمِنينَ ) (١).
فَمَنْ ذا الّذي يسمع كلامه هذا ـ ولا يعتقد بسلطته الغيبية؟ ولا يسأله كشف الكرب والملمات بإذنه سبحانه؟ أفيصح للمودودي أن يتّهم أُمة المسيح وفيهم الحواريون الذين أُنزلت عليهم مائدة من السماء ومدحهم سبحانه في الذكر الحيكم (٢)بالشرك ؟
هذا هو الذكر الحكيم ينقل عن السامري قوله : ( بَصُرْتُ بِما لَمْ يِبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وكذَلِكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي ) (٣).
وهو يعطي أنّ السامري توسّل بالتراب المأخوذ من أثر الرسول ، وكان له أثر خاص في إخراج العجل الّذي كان له خوار. فلو اعتقد المسلم ـ تبعاً للقرآن ـ بأنه توسل باسباب غير طبيعية لإضلال قومه ، فهل يصحّ اتهامه بالشرك؟.
وبالجملة : ليس الاعتقاد بالسلطة الغيبية في مقابل الاعتقاد بالسلطة العادية ، كما وليس التوسل بالأسباب غير العادية في مقابل التوسل بالأسباب العادية ، معيارين للتوحيد والشرك ، بل كل واحد منهما يمكن أن يقع على وجهين ، فعلى وجه يوافق الأُصول التوحيدية ، وعلى آخر يخالفها.
٣ ـ هل الموت والحياة ملاكان للتوحيد والشرك؟
يظهر من الوهابيين أنهم يجوّزون استغاثة الأحياء ، وفي الوقت نفسه يرون استغاثة الأموات شركاً. يقول محمد بن عبدالوهاب : وهذا جائز في الدنيا والآخرة أن تأتي رجلا صالحاً تقول له : ادع اللّه لي ، كما كان أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يسألونه في حياته ، وأمّا بعد مماته فحاشا وكلاّ أن يكونوا سألوا ذلك ، بل أنكر السلف على من قصد دعاء اللّه عند قبره ، فكيف بدعاء نفسه (٤).
__________________
١ ـ سورة آل عمران : الآية ٤٩.
٢ ـ سورة المائدة : الآية ١١٥ وسورة الصف : الآية ١٤.
٣ ـ سورة طه : الآية ٩٦.
٤ ـ كشف الشبهات ـ طبع مصر ـ ص ٧٠.