« قال لي أمير المؤمنين ، يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ »
ـ يا أمير المؤمنين آخر ذلك الى الجنة؟
ـ يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة.
وخرج رشيد مع أمير المؤمنين الى بستان فاستظلا تحت نخلة ، فقام صاحب البستان الى نخلة ، فأخذ منها رطبا وقدمه الى أمير المؤمنين فأكل عليهالسلام منه ، فالتفت رشيد الى الإمام قائلا له :
« ما أطيب هذا الرطب!؟ »
ـ أما انك ستصلب على جذعها!!
فكان رشيد بعد حديث الإمام يتعاهد تلك النخلة التي أكل من رطبها فيسقيها ويتعبد تحتها واجتاز عليها يوما فرأى سعفها قد قطع فشعر بدنو أجله ، واجتاز عليها مرة أخرى فرأى نصفها قد جعل زرنوقا يستسقى عليه فتيقن بدنو الأجل المحتوم منه (١) ، وفي فترات تلك المدة الرهيبة بعث خلفه ابن سمية ، فلما حضر عنده قال له :
« ما قال لك خليلك إنا فاعلون بك؟ »
ـ تقطعون يديّ ورجليّ وتصلبونني.
ـ أما والله لأكذّبن حديثه ، خلّوا سبيله.
فخلت الجلاوزة سراحه ، فلما خرج قال زياد لجلاوزته : ردّوه ، فردوه إليه ، فالتفت له قائلا :
« لا نجد لك شيئا أصلح مما قال صاحبك ، إنك لا تزال تبغي لنا سوءا إن بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه » ، فامتثلت الجلاوزة أمره ، فقطعوا
__________________
(١) التعليقات على منهج المقال ص ١٤٠.