آثار سلفه وسالكاً مناهجهم ومهتدياً سبيلهم لما خرج إلى الشرّك بعد إيمانه.
وأمّا أحمد بن حنبل وما تكتب عنه فاعلمه أنّ أمير المؤمنين قد عرف فحوى تلك المقالة وسبيله فيها واستدلّ على جهله وآفته بها.
وأمّا الفضل بن غانم فأعلمه أنّه لم يخف على أمير المؤمنين ما كان منه بمصر ، وما اكتسب من الأموال في أقلّ من سنة ، وما شجر بينه وبين المطّلب بن عبدالله في ذلك ، فإنّه من كان شأنُه شأنَه ، وكانت رغبته في الدّنيا والدِّرهم رغبته فليس بمستنكر أن يبيع إيمانه طمعاً فيهما وايثاراً لعاجل نفعهما.
وأمّا الزّيادي فأعلمه أنّه كان منتحلاً ، ولا أوّل دعيّ كان في الإسلام خولف فيه حكم رسول الله وكان جديراً أن يسلك مسلكه.
وأمّا الفضل بن الفرخان فأعلمه أنّه حاول بالقول الّذي قاله في القرآن أخذ الودائع الّتي أودعها إيّاه عبدالرّحمان بن إسحاق وغيره تربّصاً بمن استودعه وطمعاً في الاستكثار لما صار في يده ولا سبيل عليه عن تقادم عهده وتطاول الأيّام به.
وأمّا محمد بن حاتم وابن نوح والمعروف بأبي معمر فأعلمهم أنّهم مشاغيل بأكل الرّبا عن الوقوف على التوحيد ، وإنّ أمير المؤمنين لو لم يستحلّ محاربتهم في الله ومجاهدتهم إلا لإربائهم وما نزل به كتاب الله في أمثالهم لاستحلّ ذلك ، فكيف بهم وقد جمعوا مع الإرباء شركاً وصاروا للنصارى مثلاً ».
ثمّ وقّع في الوقيعة في كلّ واحد من الممتنعين ما يشمئزّ القلم من نقله ، فلو كانت تلك النّسب على وجهها فويل لهم مما كسبت أيديهم من عظائم المحرّمات وما كسبت قلوبهم من الشِّرك (١).
فلمّا وصل كتاب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم دعا القوم وقرأ عليهم كتاب المأمون ، فأجاب القوم الممتنعون كلّهم ، واعترفوا بأنّ القرآن مخلوق إلاّ أربعة نفر منهم
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ٧ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.