وروى عبادة بن الصامت وكان شهد بدراً وهو أحد النقباء ليلة العقبة : أنّ رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال ـ وحوله عصابة من أصحابه ـ : « بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفّى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثمّ ستره الله ، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه » فبايعناه على ذلك (١).
فلو كان للاعتقاد بالقدر ، تلك المكانة العظمى ، فلماذا لم يذكره رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلمولو في مورد ، ولماذا تركه سبحانه عند أمره رسوله بأخذ البيعة عن النساء؟ (٢)
كلّ ذلك يشرف الإنسان على القطع بأنّ البحث عن القدر والمغالاة فيه ، كان بحثاً سياسياً وراء هـ غاية سياسية لأصحاب السلطة والإدارة. وإلاّ فلا وجه لأن يتركه الوحي في أخذ البيعة عن النساء. ولا الرسول الاكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم في عرض الإسلام وتبيينه وقبوله من الآلاف المؤلفة من المتشرفين بالإسلام.
ولو طلب القارئ الكريم التعرّف على التشاجر الّذي كان قائماً على قدم وساق في بيان معنى القدر وأنّه ماذا كان يراد منه ، وأنّه هل كان الاعتقاد به يوم ذاك ملازماً للجبر أو لا؟ فعليه بدراسة ثلاث رسائل في هذا المجال ، تعدّ من بدايات علم الكلام في الإسلام وقد نشرت تلك الرسائل حديثاً وهي :
١ ـ الرسالة المنسوبة إلى الحسن بن محمّد بن الحنفيّة ، والرسالة كتبت بايحاء من الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان ( م ٨٦ هـ ) ويرجع تأريخ تأليفها إلى عام ٧٣ هـ فيكون أقدم رسالة في هذا المجال إن صحّت النسبة إليه.
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ج ١ ص ٨ ـ ٩ من كتاب الايمان.
٢ ـ الممتحنة / ١٢.