وأنت خبير بأنّ الأوّل منهما له دلالة في الجملة ، أمّا الثاني فلا وجه للاستدلال به.
ثم إنّ ما تضمنه الخبر الأوّل من قوله : « فلا تتركه » قد يدلّ على أنّه محمول على الكراهة الخبر الثاني ، للإتيان بلفظ « ينبغي » إلاّ أن يقال : إنّ لفظ « ينبغي » اتي به في موضع الضرورة فلا يتم الإطلاق. وفيه : أنّ ترك الواجب لمجرّد العذر محل إشكال. نعم قد يدعى أنّ لفظ « ينبغي » يستعمل في الواجب. وفيه : أنّ الظاهر منها إرادة غير الواجب ، وعلى تقدير التساوي فهي مشتركة حينئذ ، مضافا إلى ما ستسمعه من المعارض.
والثالث : صريح في عدم وجوب الأذان في غير الغداة والمغرب.
وأمّا الرابع : فله ظهور في الدلالة على عدم إجزاء الإقامة وحدها في الغداة والمغرب ، وهو يحتمل أن يراد فيه توقف الإجزاء على الأذان مع الإقامة أو أنّ الأذان مجزئ.
أمّا احتمال إرادة إجزاء إقامة واحدة لجميع الصلوات إلاّ الغداة والمغرب فلا بد لكل واحدة من إقامة فبعيد ، كما أنّ احتمال إرادة الواحدة من فصول الإقامة كذلك ، وسيأتي إن شاء الله في خبر عمر بن يزيد ما يدل على إجزاء الإقامة في المغرب (١) ، وحينئذ يحمل هذا الخبر على الأكملية ، وعلى هذا يراد بالإجزاء أقلّ الفضل ، فيدل الخبر على عدم وجوب الأذان والإقامة على الإطلاق.
وقد استدل العلاّمة على عدم الوجوب بالأصل مع دليل آخر تركه أولى ، وبالأخبار الآتي بعضها ، وروى الشيخ في التهذيب عن الحسين بن
__________________
(١) في ص ٤١.