فإن قلت : ما وجه التوقف في دلالة الروايتين؟.
قلت : الوجه في الاولى أنّ ظاهرها كون مجرد خوف التخلف عن الأصحاب فيضل أو يأكله السبُع يقتضي عدم لزوم الطلب ، وهذا الكلام من الإمام ٧ كما ترى يقتضي بإطلاقه أنّ مجرّد الاحتمال كاف في سقوط الطلب ، ولولاه لكان على الإمام أن يقول له : إن خفت فلا تطلب ، وإلاّ فاطلب ، والثانية كذلك ، بل هي أظهر دلالة على ما قلناه.
ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا ١ بعد ذكر روايتي داود ويعقوب : من أنّ الجواب عنهما أولاً بضعف السند ، وثانياً بالقول بالموجب ، لأنّ مقتضاهما سقوط الطلب مع الخوف على النفس والمال ونحن نقول به (١). محل تأمّل يظهر وجهه ممّا قررناه.
اللغة :
قال في القاموس : الحَزْن : ما غلظ من الأرض كالحَزْنة (٢). وقال ابن الأثير في النهاية : الغلوة قدر رمية سهم (٣).
ويبقى في المقام أُمور لا بأس بالتنبيه عليها :
الأوّل : ظاهر الأخبار أنّ الطلب مع فقدان الماء ، أمّا لو كان عذر المتيمم غير فقدان الماء فوجوب الطلب عليه منتف ، وحينئذ وجوب التأخير عليه على تقدير القول به لا يمكن استفادته من الأخبار السابقة ولا اللاحقة ، والآية الشريفة دالة بظاهرها على أنّ من كان على سفر ولم يجد ماءً تيمم ، أمّا المرض فلا وجه لاعتبار عدم الماء فيه ، إلاّ أنّ يراد بعدم
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ١٨٠.
(٢) القاموس المحيط ٤ : ٢١٥.
(٣) النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٨٣.