لا يقتضي التعدية إلاّ بالقياس محل بحث ؛ لأنّ حاصل دليله أنّ الظن الشرعي معمول به في النجاسة ، لا أنّ كل ظن يعمل به شرعاً.
والعجب من الوالد ١ أنّه ذكر الجواب على ما ذكره غيره ولم يتوجه لتحقيق الحال (١).
والحاصل أنّ إطلاق بعض الأصحاب اعتبار العلم في النجاسة (٢) لا وجه له إنّ أراد اليقين ؛ لأنّ المجتهد لا يحصل له اليقين في أغلب المسائل ، بل الظنّ ، وإذا اكتفي بالظنّ علم أنّ اعتبار العلم الحقيقي مطلقاً غير معتبر في النجاسة ، وإذا رجع إلى الشرعي علم أنّ المراد ما يتناول الظن.
وفي النظر أنّ الأولى أنّ يقال في الجواب : إنّ عمل المجتهد بالظنّ مرجع دليله الإجماع ، وما عداه يتوقف على الدليل ، فالظنّ الحاصل لغيره يتوقف على الدليل ، فإذا ورد في مثل الخبر المذكور اعتبار العلم حملناه على ظاهره ، ويخص بما عدا ظن المجتهد ، على انَّ المراد بالعلم ما يشمل الظن لو سلّمت يقال : إنّ المراد العلم أو ظن المجتهد ، لا مطلق الظن.
ومن هذا التوجيه يعلم أنّ ما قيل في ثبوت النجاسة إذا شهد بها عدلان (٣) ، محل نظر ؛ لأنّ شهادة العدلين إنّ كانت عند الحاكم أمكن الثبوت ، وأمّا عند غيره فالقبول مشكل ؛ إذ لا دليل على قبولها لغير الحاكم في النجاسة من نص ، والإجماع منتف لوجود الخلاف على ما يظهر من المنتهى ، فإنّه قال : لو أخبر عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، أمّا لو شهد
__________________
(١) معالم الفقه : ١٦٣.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٧.
(٣) قال به المحقق في المعتبر ١ : ٥٤.