وفي نظري القاصر أن الرواية مؤيّدة لما أسلفناه من أنّ الأخبار المطلقة تحمل علىٰ المقيّدة ، فلا يتم إطلاق القول بحيض الحامل ، كما لا يتم القول الذي يقوله الشيخ باعتبار مضي عشرين يوما نظراً إلىٰ الرواية علىٰ الإطلاق ، فإنّ قوله عليهالسلام فيها أخيراً : « فإن لم ينقطع عنها إلّا بعد ما تمضي الأيّام التي كانت ترىٰ الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل » إلىٰ آخره ، يقتضي أنّه لو انقطع أكثر من ذلك لا يكون حيضاً .
والحال إنّ أوّلها أفاد مضي عشرين فالتدافع حاصل ، إلّا أن يقال : إنّ مفهوم الأخير مقيد المنطوق الأوّل الدال علىٰ العشرين . وفيه : أنّ مفهوم الأوّل أيضا لا بدّ من تقييده ، وهذا يوجب نوع ريبة في الرواية لولا ما قلناه .
ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا المحقق ـ أيّده الله ـ في فوائد الكتاب : من أنّه لا يخفىٰ بُعد التوجيه ، وأنّ مفاد الرواية أنّ دم الحيض من الحامل إنّما يكون في العادة أو قبلها بيسير ، دون ما بعدها أو قبلها بيوم أو يومين أو نحو ذلك . محل نظر ، فإنّ الرواية كما ترىٰ صريحة في اعتقاد التأخّر بيوم أو يومين ، بل أوّلها يقتضي أنّ المضرّ التأخّر بعشرين ، والمفهوم فيه أنّ ما دون العشرين لا يضر ، غاية الأمر أنّه يقيد ، ويحصل الإشكال الذي ذكرناه .
وممّا ذكرناه يعلم أنّ ما في الحبل المتين ، من أنّ قول الشيخ في النهاية بأنّ ما تراه الحامل في أيّام عادتها حيض ، وما تراه بعد العادة بعشرين يوماً ليس بحيض ، وأنّ حديث الحسين بن نعيم يدل عليه ، وليس في الأحاديث المعتبرة ما ينافيه (١) . محل بحث أمّا أوّلاً : فلما ذكرناه من المعارضة في نفس الرواية المحتاج إلىٰ تكلّف تامّ .
__________________
(١) الحبل المتين : ٤٧ وهو في النهاية : ٢٥ .