الثالث : التسلط على الانتفاع : ويتقدّر بقدر التسليط ، وينتفع بما جرت العادة به ، فلو أعاره الدابة لحمل معيّن لم تجز له الزيادة ويجوز النقصان ، ولو أطلق فله حمل المعتاد على مثلها.
______________________________________________________
المعير إليها يكون تصرفا ممنوعا منه شرعا ، فحقّه أن يضمن على مقتضى ما ذكروه في عارية الصيد للمحرم ، وثبوت الإثم عليه لإقدامه بزعمه على فعل المحرم لا ريب فيه.
وأما الحكم الثاني فإنه مستقيم إذا أخبر الرسول المرسل بالحال الواقع أو سكت ، أما إذا أخبره بالعارية إلى ما طلب المستعير ، فان قرار الضمان على الرسول على أظهر الوجهين لكونه غارا ، فإطلاق العبارة لا يخلو من شيء.
قوله : ( الثالث : التسلّط على الانتفاع ، ويتقدّر بقدر التسليط ، وينتفع بما جرت العادة به ).
أما تقدّر الانتفاع بقدر التسليط فواضح ، إذ لا يجوز التصرف في مال الغير إلاّ بمقتضى الإذن ، فإن عمم له وجوه الانتفاع ـ كأن إعارة الأرض لينتفع بها في الزرع والغرس والبناء وغير ذلك ـ كان له الانتفاع بسائر وجوه النفع المعدة تلك العين لها ، وإن خصّص لم يجز التخطي قطعا ، وإن أطلق صح على أقرب الوجهين.
إلاّ أن كلام المصنف في التذكرة اختلف ، ففي أول كلامه أجراه مجرى التعميم ، فجوز جميع وجوه الانتفاع ، وفي آخر البحث مال إلى الانتفاع بما جرت به العادة الغالبة من الانتفاع بتلك العين ، فلو أعاره الأرض كذلك كان له البناء والغرس والزرع ، دون الرهن والوقف والدفن والإجارة (١) ، وهو مختاره في التحرير (٢).
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٢١١.
(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.