وفيه : أنّ العلاّمة لم يقصر إطلاق الصحة في الثقات ، إلاّ أن يقال : إطلاقه على غيرها نادر ، وهو لا يضرّ ، لعدم منع ذلك ظهوره فيما ذكره ، سيّما بعد ملاحظة طريقته ، وجعل الصحة اصطلاحا فيها.
لكن لا يخفى أنّ حكمه بصحة حديثه مرة ومرتين مثلا غير ظاهر في توثيقه ، بل ظاهر في خلافه ، بملاحظة عدم توثيقه وعدم قصره.
نعم لو كان ممن أكثر تصحيح حديثه مثل أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأحمد بن عبد الواحد ، ونظائرهما ، فلا يبعد ظهوره في التوثيق.
واحتمال تصحيحه إياه لكونهم من مشايخ الإجازة ، فلا يضر مجهوليتهم ، أو لظنه وثاقتهم ، فليس من باب الشهادة.
فيه ما سنشير إليه.
والغفلة ينفيها الإكثار ، مع أنّه في نفسه لا يخلو من البعد (١).
__________________
(١) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ٣٢٨ ، في ترجمة أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي ، عند تكلمه حول طرق كتاب الحسن بن محبوب ، وانّ بعض هذه الطرق فيها جهالة أو ضعف ، وبعضها صحيحة : والظاهر أنّه لا يحتاج إلى الطريق أصلا ، لأنّه لا ريب في أنّه كان أمثال هذه الكتب التي كان مدار الطائفة عليها ، كانت مشتهرة بينهم زائدا على اشتهار الكتب الأربعة عندنا ، ولا ريب في أنّ الطريق لصحة انتساب الكتاب إلى صاحبه ، فإذا كان الكتاب متواترا فالتمسك بأخبار الآحاد الصحيحة كان كتعرف الشمس بالسراج.
ولكن لمّا أرادوا أن يخرج الخبر بظاهره عن صورة الإرسال ، ذكروا طريقا إليه تيمنا وتبركا ، وهؤلاء مشايخ الإجازة المحض ، فلهذا ترى العلامة وغيره يصفون الخبر بالصحة. ولو كان في أوائل السند مجاهيل كأحمد بن محمّد بن الحسن ، وأحمد بن محمّد بن يحيى ، وماجيلويه ، ومحمّد بن إسماعيل عن الفضل وغيرهم.
ومن لم يكن له اطلاع على ذلك ، فتارة يعترض عليه ، وتارة يحكم بثقة هؤلاء ، مع أنّ الظاهر أنّه لو كان لهؤلاء توثيق في الكتب لكنّا نطّلع عليه ، لأنّه لم يكن للعلامة كتاب غير هذه الأصول التي في أيدينا ، ولو كان له غيرها لكان يذكر مرة أنّه ذكر فلان في الكتاب الفلاني أنّ فلانا ثقة ، لكن الأصحاب نظروا إلى أنّه لو كان لم يعتبر مشايخ الإجازة وضعفهم