المطلب الرابع
( في خلل الاجتهاد )
المصلي بالاجتهاد إن تبين الإصابة أو جهلها واستمر حاله ، صحت صلاته ، لأنه فعل المأمور به ، فيخرج عن العهدة ، وإن ظهر له الخطأ في اجتهاده ، فإن كان قبل شروعه في الصلاة ، فإن تيقن الخطأ في اجتهاده أعرض عن مقتضاه وتوجه إلى الجهة التي يعلمها أو يظنها جهة الكعبة.
وإن ظن الخطأ في اجتهاده ، فإن ظن الصواب في أخرى ، وكان دليل الاجتهاد الثاني أوضح من الأول ، أعرض عن الأول. وإن كان دليل الأول أوضح ، اعتمد على مقتضاه. وإن تساويا احتمل إلحاقه بغير المجتهد ، فيصلي كل صلاة أربع مرات إلى الجهات المتعددة ، وإلزامه بصلاتين إلى الجهتين لا غير ، لدلالة الاجتهادين على انتفاء القبلة في الباقيتين.
ولو ظن خطأ الأول ولم يحصل له ظن الصواب ، احتمل إلحاقه بغير المجتهد ، فيصلي أربع مرات ، وإلزامه بثلاث إلى ثلاث جهات ، إذ لا فرق بالعمل في الاجتهادين بين الفعل والترك والصواب والخطإ. فإن كان بعد فراغه من الصلاة ـ فإن ظهر الخطأ يقينا ـ فإن كان قد استدبر ، أعاد الصلاة في الوقت وخارجه على الأقوى ، لأنه قد تيقن الخطأ فوجب القضاء ، كالحاكم إذا وجد النص بخلاف حكمه.
وقيل : يعيد في الوقت لا خارجه ، لقول الصادق عليهالسلام : إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنك صليت وأنت على غير القبلة فأعد ، وإن فاتك فلا تعد (١). والإطلاق يتناول الاستدبار ولأصالة البراءة ، ولأن القضاء إنما يجب بأمر جديد ولم يثبت ، والأصل أنه أن كلف بالاجتهاد خاصة لم يجب القضاء ، وإن كلف بالاستقبال وجب. فإن كان بين المشرق والمغرب فلا إعادة ، لقوله عليهالسلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ ـ ٢٢٩ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٣ ـ ٢٢٧ ح ٢.