قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

ضياء العالمين [ ج ٥ ]

475/535
*

وذكر بعضهم في سبب نزولها أنّ المسلمين قالوا : ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ، وذوي قراباتنا ، وقد استغفر إبراهيم عليه‌السلام لأبيه ، وهذا رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله يستغفر لعمّه ، فاستغفروا للمشركين ، فنزلت الآية(١) .

وكأنّ هؤلاء استبصروا بما عميت عنه عيون البخاري ومسلم وأمثالهما ممّن لم يدرك أنّ هذه الآية من سورة براءة التي لا كلام في كونها مدنيّة نازلة بعد الهجرة ، بل في أواخرها ، وموت أبي طالب كان قبل الهجرة ، حتّى أنّه لو تكلّف لهما ولو بعيداً بأن يقال : إنّ مرادهما النزول عندما ذكره هؤلاء ، لا ينفعهما أصلاً ؛ لأنّ مرادهما بيان أنّ الآية نزلت في منع الاستغفار لأبي طالب لكفره ، وسنبيّن أنّ ورودها في وقت ذكره هؤلاء لا يدلّ على المنع عن الاستغفار له ، بل في الآية ما يدلّ على أنّ استغفار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله له كان لكونه مؤمناً ، كما هو الحقّ ، ولم يمنع منه أبداً ، وأنّ مَنْ فهم غير ذلك فهو متوهّم ، على أنّ في رواية البخاري ومسلم أيضاً ما يدلّ على إيمانه وإن لم يفهمه المعاند ؛ إذ قوله : أنا على ملّة عبد المطّلب ، إنّما كان دليل كفره لو كان عبدالمطّلب كافراً ، وليس كذلك ، بل الحقّ أنّه بل كلّ آباء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا مؤمنين واقعاً وإن لم يظهروا مصلحةً كأبي طالب ، وقد ذكرنا هذا المعنى فيما تقدّم آنفاً أيضاً ، فافهم .

وقد ذكر بعضهم أنّ سبب النزول آمنة اُمّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالوا : روى عبد اللّه‏ بن مسعود : إنّه خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً ينظر في المقابر وخرجنا معه ، فأخذنا مجلسنا ، ثمّ إنّه تخطّى القبور حتّى انتهى إلى قبر منها فناجاه

____________________

العظيم لأبي حاتم ٦ : ١٨٩٤ / ١٠٠٥٢ بتفاوت فيها ، أسباب نزول القرآن للواحدي : ٤٣٥ / ٢٧١ ، أسباب نزول القرآن للسيوطي : ٢٠٦ / ٦٢٨ .

(١) انظر الكشّاف ٣ : ٩٨ ، أسباب نزول القرآن للواحديّ : ٤٣٧ / ٢٧٢ .