على الملكين ببابل هاروت وماروت ، يتعلمون من هذين الصنفين ما يفرقون به بين المرء وزوجه، هذا ما يتعلم الإضرار بالناس ، يتعلمون التضريب بضروب الحيل والتمائم (١) والإيهام (٢) ، وأنه قد دفن في موضع كذا ، وعمل كذا ؛ ليُحبب المرأة إلى الرجل ، والرجل إلى المرأة ، أو يؤدي إلى الفراق بينهما ، ثم قال عزّ وجلّ : ( وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) أي ما المتعلمون بذلك بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، يعني بتخلية الله وعلمه، وإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر .
ثم قال : ( وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ) ، لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه ، بل ينسلخون عن دين الله بذلك ( وَلَقَدْ عَلِمُوا ) (٣) هؤلاء المتعلمون ( لَمَنِ اشْتَرَاهُ ) بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ( مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) أَي من نصيب في ثواب الجنة :
ثم قال عز وجل : ( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ) ورهنوها (٤) بالعذاب ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) أَنَّهم قد باعوا الآخرة وتركوا نصيبهم من الجنة ؛ لأن المتعلمين لهذا السحر الذين يعتقدون أن لا رسول ولا إله ولا بعث ولا نشور ، فقال : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) (٥) لأنهم يعتقدون أن لا آخرة ، فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة
__________________
(١) في اق ، ها والحجرية : والتمائم .
(٢) في نسخة (ع) : الانهام، ونسخة الك : للإيهام .
(٣) في اق ، ع ، هـ ، ج ، ر ، ك : ولقد علم هؤلاء .
(٤) في اق ، هـ ، ع ، ج، والحجرية : ورهنوا .
(٥) مقاطع الآية في هذه الصفحة من سورة البقرة ١٠٢:٢.