وثانيا : إنّ هذا التوجيه لم أذكره مصحّحا لطريقتهم بل تحصيلا للعذر لنفسي (١) في العمل بالأخبار المنجبرة بالشهرة بيني وبين الله تعالى ، وتخليصا (٢) لها (٣) من الاعتراض المتقدّم سابقا بناء على قوّته ونهاية متانته لو لا ما وجّهنا ، لعدم محيص عنه بعد ذلك عدا الاعتراض (٤) بعدم حجّيّة الرواية المنجبرة بالشهرة ، وهو يستلزم اختلال (٥) أكثر الأحكام (٦) الشرعيّة كما مضى ، وهذه هي الثمرة العظمى في القول بحجّيّة الشهرة كما هو واضح لمن تدبّرها.
فأمّا ما يقال في الذبّ عن الاعتراض المتقدّم ـ من أنّ عدم حجّيّة الرواية إنّما هو حيث لم يحصل التثبّت (٧) والتبيّن الكاشف (٨) عن صدقها وصحّتها ، وأمّا معه فهي حجّة جدّا ؛ لأنّ الله تعالى (٩) لم يأمر بطرح الرواية الضعيفة بل أمر فيها بالتثبّت واستظهار الصدق ، فإن (١٠) ظهر عمل بها وإلّا طرحت ، ولا ريب أنّ الشهرة يحصل بها التثبّت ، ويستظهر بها صدق الخبر ، فتعيّن عليه العمل (١١) ـ فمنظور فيه (١٢) ؛ لتوقّفه على تعميم التثبّت للتثبّت الظنّي ، وهو مشكل ، فإنّ معناه لغة ليس إلّا انكشاف (١٣) حقيقة الخبر وصدقه في نفس الأمر ، ولا يكون ذلك إلّا بتحصيل العلم به واقعا ، والأصل بقاء هذا المعنى إلى أن يظهر من أهل العرف خلافه ولم يظهر ؛ لعدم ثبوت فهمهم عنه (١٤) خلافه بحيث يشمل (١٥) التثبّت الظنّي الحاصل من نحو الشهرة بل الظاهر منهم خلافه
__________________
(١) ر ، س م : النفسي. ق : المنفي. وفي مفاتيح : لعذر نفسي.
(٢) ق ، ر ، س : تخليها. مفاتيح : تخليتها.
(٣) ر ، س : ـ لها
(٤) ر ، ق ، م ، س ومفاتيح : الاعتراف.
(٥) مفاتيح : إخلال ، وخ بهامشه : « اختلال » كما في النسخ.
(٦) ر ، س ومفاتيح : كثير من الأحكام.
(٧) مفاتيح : التثبيت.
(٨) مفاتيح : كاشف.
(٩) ق ، ر : سبحانه. مفاتيح : سبحانه تعالى.
(١٠) مفاتيح : إن.
(١١) مفاتيح : « العمل به » بدل : « عليه العمل » .
(١٢) جواب « أمّا ما يقال » .
(١٣) خ : استكشاف ؛ بدل : ليس إلّا انكشاف.
(١٤) ر ، س ومفاتيح : منه.
(١٥) س ومفاتيح : يشتمل.