شرعيّ من الفتوى ؛ فالأوّل ، وبين ما لا يستلزمه أصلا ؛ فالثاني ، كما ربما يلاح من موضع من كلام بعض الأعاظم من المشايخ طاب ثراه.
أوجه وأقوال ، أجودها : الأوّل ؛ لوجوه :
منها : الاستصحاب ، وتقريره : أنّه لا شكّ في لزوم الاستمرار عليه وصحّته قبل الرجوع والاطّلاع عليه ، فيستصحب فيما بعدهما أيضا ؛ لعدم ثبوت الرافع اليقيني ولا ما يحكمه له ، عدا ما دلّ على بطلان الاجتهاد السابق وصحّة الاجتهاد اللاحق ، وهو كما ترى لا يصلح لذلك ، فإنّه إن كان المراد أنّه يقتضي في هذا الحال وبعد الاجتهاد اللاحق بطلان الاجتهاد السابق رأسا وبالإضافة إلى ما بين الاجتهادين أيضا ، فهو ممنوع جدّا ، خصوصا بعد ما ستقف عليه ؛ وإن كان المراد أنّه يقتضي بعده بطلانه في هذا الحال ، فهو مسلّم ، إلّا أنّ اللازم منه بطلانه بالإضافة إلى ما يصدر عنه حينئذ ، لا بالإضافة إلى ما صدر أيضا.
وبتقرير آخر : إنّ الحكم الشرعي لمّا كان معروضه عقل المكلّف ، فيدور مداره نفيا وإثباتا ، فحيثما تحقّق المعروض ، تحقّق العارض أيضا بشروطه ، وحيثما انتفى ، انتفى ، ومن الواضح أنّ بعد الاجتهاد السابق وقبل الاجتهاد اللاحق إنّما يكون معروض الحكم المؤدّي إليه الاجتهاد السابق والمستنتج من قياسه هو الفعل الصادر عن المقلّد ما بين الاجتهادين ، وبعد الاجتهاد اللاحق يكون معروض الحكم المؤدّي إليه هذا الاجتهاد والمستنتج من هذا القياس إنّما هو الفعل الصادر عنه بعده لا قبله ، فيكون الفعل الصادر قبله المعروض لهذا الحكم بالفرض معروضا له بهذا الاجتهاد والقياس ، ولا يكون معروضا للحكم المؤدّي إليه الاجتهاد اللاحق أصلا ، فأين المنافاة والمضادّة ؟ ! وأنّى دلالته على الرفع حتّى يندفع به الاستصحاب ؟
فإن قيل : هذا إنّما يتمّ بالإضافة إلى فعل المقلّد ، ولكن بالإضافة إلى الأعيان الخارجيّة الموجودة بأشخاصها بعد الاجتهاد اللاحق المحكوم عليها بالطهارة والنجاسة والحلّيّة والحرمة ، غير تامّ ولا متّجه ؛ إذ مقتضى الاجتهاد اللاحق بالفرض