و يحتمل أن يكون المراد بقوله تعالى: فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ (١) أي: ذلك لكم مستقرّ، و لا يمنع هذا ثبوت ملك غير مستقرّ، و لهذا لا يمنع الدّين ثبوت الملك في التركة، و هو آكد من الوصيّة(٢).
ثمّ قال بعضهم بأنّه يبقى ملكا للميّت، كما إذا كان عليه دين.
و اعترضوا على من نفى تملّكه بأنّ الملك يبقى له فيما يحتاج إليه من مؤونة تجهيزه و دفنه و قضاء ديونه و تنفيذ وصاياه، و لأنّه يتعذّر انتقاله إلى الوارث من أجل الوصيّة و امتناع انتقاله إلى الموصى له قبل القبول الذي هو إمّا جزء السبب أو شرطه، فإنّ ذلك يقتضي تقدّم المسبّب أو المشروط على جزء السبب أو شرطه.
و جوّزوا أن يتجدّد للميّت ملك في ديته إذا قتل، و فيما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته بحيث تنفذ وصاياه و تقضى ديونه منها، و يجهّز أيضا، فإن ردّ الموصى له أو قبل انتقل حينئذ، فإن قلنا: إنّه ينتقل إلى الوارث، فإنّه يثبت له الملك على وجه لا يفيد إباحة التصرّف كثبوته في العين المرهونة، فلو باع الموصى به أو رهنه أو أعتقه أو تصرّف بغير ذلك، لم ينفذ شيء من تصرّفاته.
و لو كان الوارث ابنا للموصى به، مثل أن تملك امرأة زوجها الذي لها منه ابن فتوصي به لأجنبيّ، فإذا ماتت انتقل الملك فيه إلى ابنه إلى حين القبول، و لا يعتق عليه(٣).٠.
١- سورة النساء: ١٢.
٢- المغني ٤٧٢:٦، الشرح الكبير ٤٧٩:٦.
٣- المغني ٤٧٢:٦-٤٧٣، الشرح الكبير ٤٧٩:٦-٤٨٠.