و على الوجه
الذي سبق يأخذ المجنيّ عليه الأوّل تمام القيمة من الغاصب، و الثاني نصف القيمة، و
المالك نصف القيمة و لا تراجع.
مسألة ١٠٧٨:
إذا جنى العبد المغصوب،
فجنايته مضمونة
على الغاصب؛ لأنّه نقص في العبد الجاني، لكون أرش الجناية يتعلّق برقبته، و يباع
العبد فيها، فكان مضمونا على الغاصب، كسائر نقصه، و سواء في ذلك ما يوجب القصاص أو
المال، و لا يلزمه أكثر من النقص الذي لحق العبد.
و لو جنى العبد
على سيّده، فجنايته مضمونة على الغاصب أيضا؛ لأنّها من جملة جناياته، فكان مضمونا
على الغاصب، كالجناية على الأجنبيّ، فإن اقتصّ المولى فعلى الغاصب أرش العضو
التالف بالقصاص، و إن عفا على مال ثبت المال على العبد، و فداه الغاصب بأقلّ
الأمرين من أرش الجناية و قيمة العبد، كالأجنبيّ.
و لو قطع العبد
يد أجنبيّ فقطعت يده قصاصا، فعلى الغاصب ما نقص العبد بذلك دون أرش اليد؛ لأنّ
اليد ذهبت بسبب غير مضمون، فأشبه ما لو سقطت، و إن عفا المجنيّ عليه على مال،
تعلّق أرشه برقبته، و على الغاصب أقلّ الأمرين من قيمته أو أرش اليد.
فإن زادت جناية
العبد على قيمته ثمّ مات في يد الغاصب، ضمن الغاصب قيمته يدفعها إلى سيّده، فإذا
أخذها تعلّق أرش الجناية بها؛ لأنّها كانت متعلّقة بالعبد فتعلّقت ببدله.
و لو كان العبد
وديعة فجنى جناية استغرقت قيمته، ثمّ إنّ المستودع قتله بعد ذلك، وجبت عليه قيمته،
و تعلّق بها أرش الجناية، فإذا أخذها وليّ الجناية لم يرجع على المستودع؛ لأنّه
جنى و هو غير مضمون عليه.
القسم الثاني:
الجناية على الغصب.
مسألة ١٠٧٩:
إذا غصب عبدا فقتله قاتل عمدا و كان القاتل عبدا مساويا له في الرقّيّة،
كان للمالك
القصاص، فإذا اقتصّ برئ الغاصب؛ لأنّه أخذ بدل عبده، و لا نظر مع القصاص إلى تفاوت
القيمة، كما لا نظر في الأحرار إلى تفاوت الدية.
و إن كان
القصاص غير واجب بأن كان الجاني حرّا، فعليه بالجناية قيمته يوم القتل، سواء قتله
الغاصب أو أجنبيّ، و المالك بالخيار بين أن يطالب بها الغاصب أو الجاني، و قرار
الضمان على الجاني، فإن رجع المالك عليه لم يرجع على الغاصب؛ لأنّه المباشر
للإتلاف، و إن رجع المالك على الغاصب رجع الغاصب عليه؛ لدخوله في ضمانه.
ثمّ إن كانت
قيمة العبد قبل يوم القتل أكثر و نقصت في يد الغاصب، فعليه ما نقص بحكم اليد.
و إن كان
الجاني عبدا و الجناية خطأ، فإن سلّمه سيّده فبيع في الجناية، فإن كان الثمن مثل
قيمة المغصوب أخذه، و لا شيء له على الغاصب، إلاّ إذا كانت القيمة قد نقصت عنده
قبل القتل، و إن كان الثمن أقلّ أخذ الباقي من الغاصب.
و إن لم يسلّمه
سيّده، بل اختار أن يفديه، فإن قلنا: يفديه بالأرش، أخذه، و لا شيء له على الغاصب،
إلاّ على التقدير المذكور، و إن قلنا:
يفدي بالأقلّ
من أرش الجناية أو قيمة الجاني، فإن كانت قيمة المغصوب أكثر من قيمة الجاني
فالباقي على الغاصب، و إن كانت أقلّ أو مثلها أخذها المالك، و لا شيء له على
الغاصب، إلاّ على التقدير المذكور.
و لو اختار
المالك تغريم الغاصب ابتداء، فله ذلك، و يأخذ منه جميع
قيمة المغصوب،
ثمّ يرجع الغاصب على سيّد العبد الجاني بما غرم، لا بما يطالب به الغاصب، هذا في
القتل.
مسألة ١٠٨٠:
إذا غصب عبدا فجني عليه جناية مقدّرة الدية،
فإن قلنا:
ضمان الغصب
ضمان الجناية، فالواجب أرش الجناية، كما لو جني عليه من غير غصب، نقصته الجناية
أقلّ من ذلك أو أكثر، و إن قلنا: ضمان الغصب غير ضمان الجناية - و هو الأجود -
فعليه أكثر الأمرين من أرش النقص أو دية ذلك العضو؛ لأنّ سبب ضمان كلّ واحد منهما
وجد، فوجب أكثرهما، و دخل الآخر فيه، فإنّ الجناية و اليد وجدا معا.
و أمّا
الجراحات فإن كان لها أرش مقدّر في حقّ الحرّ أو لم يكن لها أرش مقدّر، فالواجب
عليه ما تقدّم بيانه من قبل.
و إذا كان
الواجب ما نقص من قيمته بالجناية، كان المرعيّ حالة الاندمال، فإن لم يكن حينئذ
نقصان لم يطالب بشيء.
و إذا كان
الواجب مقدّرا من القيمة كالمقدّر من الدية، فيؤخذ في الحال أو يؤخّر إلى الاندمال
؟ سيأتي في موضعه.
و للشافعي
قولان، كما لو كانت الجناية على الحرّ(١).
مسألة ١٠٨١:
إذا غصب عبدا و كان الجاني غير الغاصب
و غرّمناه
المقدّر من القيمة و كان الناقص أكثر من ذلك المقدّر، فعلى الغاصب ما زاد على
المقدّر.
و إن كان
المقدّر أكثر ممّا نقص من القيمة، فهل يطالب الغاصب بالزيادة على ما نقص من القيمة
؟ الأقوى ذلك و إن كان المالك يطالب
١- العزيز شرح
الوجيز ٤٤٤:٥، روضة الطالبين ١٢٨:٤.