١- النسخ لغة يطلق على معنيين: الازالة و النقل و الرفع. لسان العرب: ٦١/٣، و تاج العروس: ٢٨٢/٢، و القاموس المحيط: ٢٧١/١، و النهاية: ٤٧/٥، و مجمع البحرين: ٤٤٤/٢، و في معجم مقاييس اللغة: ٤٢٤/٥ قال: مختلف في قياسه. قيل قياسه تحويل شيء الى شيء، و له معاني. و المراد هنا الأول، يقال نسخت الشمس الظل إذا أزالته و خلفته، و قيل مشترك بين الازالة و التحويل لان الأصل في الاستعمال الحقيقة، و قيل: انه حقيقة في الأول مجاز في الثاني، و قيل غير ذلك، لا فائدة في تتبعه، لاحظ فتح المغيث: ٥٩/٣. و قال في المصباح المنير: ٨٢٧/٢:.. و النسخ الشرعي ازالة ما كان ثابتا بنص شرعي، أو هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجوه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه.. على حد تعبير ابن الاثير في جامع الاصول: ٨١/١، و يكون في اللفظ و الحكم، و في أحدهما، سواء فعل كما في أكثر الأحكام، أو لم يفعل كنسخ اسماعيل بالفداء، لأن الخليل عليه السلام امر بذبحه ثم نسخ قبل وقوع الفعل. و الناسخ ما دلّ على الرفع المذكور، و تسميته ناسخا مجاز، لأن الناسخ الحقيقي هو اللّه سبحانه. و على كل، فهو فنّ مستصعب على حد تعبير ابن الصلاح في المقدمة: ٤٠٥.
٢- كما عن بداية الشهيد: ٤٢ [البقال: ١٣٠/١]، و قريب منه في أصول الحديث ٢٨٧، و المستصفى: ٦٩/١، و حكاه عن الناسخ و المنسوخ: ٦، و ما بعدها و غيرها، و في التدريب تبعا للتقريب: ١٩٠/٢: ان النسخ رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر، راجع أيضا للتوسع: معرفة علوم الحديث: ٨٧. و الاصل في التعريف لابن الصلاح في المقدمة: ٤٠٥، و حكاه العراقي في ألفيته و شارحها في فتحه: ٥٩/٣، و قال الأول: في ذيل.. بحكم منه متأخر، ثم قال: و هذا حدّ وقع لنا سالم من اعتراضات وردت على غيره. و عرّفه البلقيني في محاسن الاصطلاح - ذيل المقدمة - بغير ذلك. قال الدربندي في درايته: ١٦ - خطي -: فالحديث الناسخ حديث دلّ على نهاية استمرار حكم شرعي ثابت بدليل سمعي سابق، و المنسوخ منه حديث قطع استمرار حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه. و لهم في تعريفه تطويلات و مناقشات لا غرض لنا بها هنا.
رفع حكم شرعي سابق، فالحديث المدلول عليه بكلمة ما بمنزلة الجنس يشمل الناسخ و.. غيره، و مع ذلك خرج به ناسخ القرآن، و بالرفع خرج الحديث الدال على حكم مؤكد للحكم السابق، و بإضافة الرفع الى الحكم خرج رفع الذوات و الصفات الحقيقية، و الحكم شامل للوجودي كالوجوب و الندب. و العدمي كالتحريم و الكراهة، و بتقييد الحكم بالشرعي خرج الشرع المبتدأ بالحديث الرافع لحكم عقلي من البراءة الأصلية(١)، و خرج بقيد السابق الاستثناء و الصفة و الشرط و الغاية الواقعة في الحديث، فانها ترفع حكما شرعيا لكن ليس سابقا.
و ربما زيد في التعريف قيود اخر لا حاجة اليها، و من أراد العثور على ذلك فليراجع كتب الأصول.