رضي اللّه عنه أن يوصل لي كتابا قد سألت
فيه عن مسائل أشكلت عليّ ، فورد في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام «
أمّا ما سألت عنه أرشدك اللّه ووفّقك ـ إلى أن قال ـ وأمّا الحوادث الواقعة
فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه عليهم » (١) .
وفي « رجال الكشي » و « الاختيار » ،
بالإسناد عن أحمد بن حاتم بن ماهويه قال : كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن الثالث عليه
السلام ـ أسأله : عمّن آخذ معالم ديني ؟ وكتب أخوه أيضا ، فكتب إليهما : « فهمت ما
ذكرتما ، فاصمدا على دينكما على مسنّ في حبّنا ، وكلّ كثير القدم في أثرنا ،
فإنّهم كافوكما إن شاء اللّه » (٢) .
وفي « الكافي » بإسناده عن الصادق عليه السلام
: « احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها » (٣) .
وقال عليه السلام لمفضّل بن عمر : «
اكتب وبثّ علمك في إخوانك ، فإن متّ فأروث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمان
هرج ، لا يأنسون فيه إلّا بكتبهم » (٤) إلى غير ذلك ممّا يؤدّي هذا المعنى .
فالجزم في كلّ حادثة وردت على أحد من
أهل العلم أن يرجع فيها إلى محكمات الكتاب ، فإن لم يوجد فيها فإلى محكمات السنّة
، فإن لم يوجد فيها فإلى محكمات أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، المعتمد عليها ،
المضبوطة عند أصحاب الحديث ، فإن لم يجد فيها نصّا معيّنا رجع في العمل إلى
العمومات ، وإلى مثل قولهم عليهم السلام : « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (٥)
وإن تعارضت فيها الأخبار عمل بالأصح ، وبأبعدها عن مذاهب العامّة ، وأوفقها
بالقرآن ، وإن تساوت في ذلك كلّه أو لم يعلم بالحال ، فهو مخيّر بأيّها أخذ من باب
التسليم وسعه ، والأولى التوقّف والاحتياط مهما أمكن فيما لا نصّ فيه بخصوصه متّفق
عليه من غير معارض ، لأنّه حال اضطرار يعمل فيه بالظن ، ولا يجوز فيه الجزم بالحكم
والفتوى ، بل يردّ علمه إلى اللّه ورسوله وأهل البيت عليهم السلام ، كذا يستفاد من
الأخبار كما ورد عنهم عليهم السلام بأسانيد كثيرة ،
______
( ١ ) ـ إكمال الدين : ٤٨٤ ، الاحتجاج :
٤٧٠ .
( ٢ ) ـ اختيار معرفة الرجال : ٤ / ٧ .
( ٣ ) ـ الكافي ١ : ٥٢ / ١٠ .
( ٤ ) ـ الكافي ١ : ٥٢ / ١١ .
( ٥ ) ـ رواه الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠٨
/ ٢٢ ، وعنه في وسائل الشيعة ١٨ : ١٢٧ / ٦٠ .