عن عبد اللّه بن سنان قال : أردت الدخول
على أبي عبد اللّه عليه السلام ، فقال لي مؤمن الطاق (١) : استأذن لي على أبي عبد
اللّه عليه السلام فقلت : نعم ، فدخلت عليه فأعلمته مكانه ، فقال : « لا تأذن له
عليّ » فقلت : جعلت فداك تعلم انقطاعه إليكم وولاءه لكم وجداله فيكم ، ولا يقدر
أحد من خلق اللّه أن يخصمه ، فقال : « بل يخصمه صبيّ من صبيان الكتّاب » فقلت :
جعلت فداك هو أجدل (٢) من ذلك ، وقد
خاصم جميع أهل الأديان فخصمهم ، فكيف يخصمه غلام من الغلمان وصبيّ من الصبيان ؟
فقال : « يقول له الصبي : أخبرني عن إمامك ، أمرك أن تخاصم الناس ؟ فلا يقدر أن
يكذب عليّ ، فيقول : لا ، فيقول له : فأنت تخاصم الناس من غير أن يأمرك إمامك (٣)
فأنت عاص له ، فيخصمه .
يا بن سنان لا تأذن له عليّ ، فإنّ
الكلام والخصومات تفسد النيّة وتمحق الدين » .
ومن الكتاب المذكور : عن عاصم الحنّاط ،
عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام ـ وأنا عنده ـ : إيّاك
وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم ، فإنّهم تركوا ما أمروا بعلمه ، وتكلّفوا ما
لم يؤمروا بعلمه ، حتى تكلّفوا علم السماء .
يا أبا عبيدة ، إنّا لا نعدّ الرجل
فقيها عالما حتى يعرف لحن القول ، وهو قول اللّه تعالى :
« وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ
الْقَوْلِ » (٤) .
ووجدت في « كتاب عبد اللّه بن حماد
الأنصاريّ » في النسخة المقروّة على هارون بن موسى التلعكبري رحمه اللّه ما هذا
لفظه :
عن جميل بن درّاج قال : سمعت أبا عبد
اللّه عليه السلام يقول : « متكلّمو هذه العصابة من شرارهم » (٥) .
ويحتمل أن يكون المراد بهذا الحديث ـ يا
ولدي ـ المتكلّمين الذين يطلبون بكلامهم وعلمهم ما لا يرضاه اللّه جلّ جلاله ، أو
يكونون ممّن يشغلهم الاشتغال بعلم الكلام عمّا هو
______
( ١ ) ـ أبو جعفر محمد بن علي بن
النعمان بن أبي طريفة البجلي مولى الأحوال ، كوفي صيرفي ، كان شيعيا ثقة ، متكلما
حاذقا حاضر الجواب ، يلقب « مؤمن الطاق » و « صاحب الطاق » و « الطاقي » وهي نسبة
إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة كان يجلس للصرف بها ، روى عن علي بن الحسين وأبي
جعفر وأبي عبد اللّه عليهم السلام ، انظر « رجال النجاشي : ٣٢٥ / ٨٨٦ ، رجال الشيخ
: ٣٠٢ / ٣٥٥ ، لسان الميزان ٥ : ٣٠٠ / ١٠١٧ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٩٨ » .
( ٢ ) ـ في كشف المحجة : أجل .
( ٣ ) ـ ليس في « ر » .
( ٤ ) ـ محمد ٤٧ : ٣٠ .
( ٥ ) ـ في « ر » : من شرار من هم منهم
.