الجمّة والأسئلة القرآنية والتفسيرية العديدة ـ لم تبدِ اهتماماً واضحاً ولم تولِ أهمّية علمية لموضوع إعجاز القرآن. وعلى العكس من ذلك فإنّ المؤلّفات الكلامية والقرآنية والتفسيرية قد شهدت في القرن الخامس وما بعده تفصيلاً في مسألة إعجاز القرآن وبيان وجوهه. وبطبيعة الحال فإنّ مسألة إعجاز القرآن وتبيين وجوهه في المجتمع الإسلامي لم تكن بحدّ ذاتها الشغل الشاغل لعلماء المسلمين وذلك لأنّ قسماً كبيراً من المجتمع الإسلامي يعتقدون بقدم القرآن ؛ هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ عامّة المسلمين تربطهم بالقرآن أواصر إيمانية واعتقادية وثيقة فلم تكن مسألة الإعجاز مطروحة للبحث في ذلك الزمان. لذلك لمّا لم يكُ هناك أيّ تحامل أو تعدّي على القرآن وعلى النصّ القرآني أو التعريض بإعجازه ، فإنّ العلماء الإسلاميّين لم يروا من الضروري إبداء أيّ نظريّة في مجال إعجاز القرآن. إلاّ أنّ عدم وجود بحث علمي في إعجاز القرآن أصبح بحدّ ذاته يُثير تساؤلا مهمّاً عند مقارنته مع تطوّر سائر الأبحاث القرآنية المطروحة آنذاك.
مباحث إعجاز القرآن قياساً مع أهمِّ الأبحاث القرآنية والتفسيرية
في القرون الثلاثة الأولى
لقد ذكرنا آنفاً إنّ إعجاز القرآن بالشكل الذي نراه اليوم في التفسير وعلوم القرآن لم يكن محلّ بحث أو اهتمام علماء الإسلام في أواسط أو حتّى أواخر القرن الثالث الهجري. وذلك يعني أنّ علماء الإسلام بما فيهم الفقهاء والمفسّرون