في المفردات إلى أبعد من ذلك ، إذ قال : «والأمر التقدّم بالشيء سواء كان ذلك بقولهم افعلْ وليفعلْ أو كان بلفظ خبر نحو قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) (١). أو كان بإشارة أو غير ذلك ، ألا ترى ما سمّى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمراً ، قال تعالى : (إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَر) فسمّى ما رآه في المنام من تعاطي الذبح أمراً»(٢). وتخرج دلالة الأمر من الإلزام إلى الدعاء إذا كان الآمر أدنى رتبة من المأمور.
وجاء الدعاء بأسلوب الأمر بدعاء الإمام عليهالسلام كثيراً ، وكان على قسمين ، منها كان يدعو للمجاهدين المرابطين بثغور المسلمين يسأل الله تعالى أن يمنّ عليهم بصنوف الرحمة والنصر والظفر ، فمن ذلك قوله عليهالسلام : «وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك ، وأيّد حماتها بقوّتك ، وأسبغ عطاياهم من جدتك».
والآخر : يدعو على أعداء الله والإسلام ، ومن ذلك قوله عليهالسلام : «اللهمّ أخل قلوبهم من الأمنة وأبدانهم من القوّة ، وأذهل قلوبهم عن الاحتيال وأوهن أركانهم عن منازلة الرجال ، وجبّنهم عن مقارعة الأبطال ، وابعث عليهم جنداً من ملائكتك ببأس من بأسك كفعلك يوم بدر ، تقطع به دابرهم وتحصد به شوكتهم ، وتفرّق به عددهم ، اللهمّ وامزج مياههم بالوباء ، وأطعمتهم بالأدواء ، وارمِ بلادهم بالخسوف ، وألحّ عليها بالقذوف».
٣ ـ الدعاء بأسلوب النهي : ينعقد النهي بـ : (لا) الناهية الداخلة على الفعل
__________________
(١) سورة البقرة ، من الآية ٢٢٨.
(٢) مفردات ألفاظ القران الكريم : ٣٢.