ثُم ينبّه الشيخ مَيْثَم إلى أمر آخر ، وهو أنّ هذا اللزوم الذي اشترطه قبلاً ـ أي اللزوم الذهني ـ إنّما هو شرطٌ لتحقّق دلالة الالتزام لا تمام ما تتوقف عليه هذه الدلالة ، وبلفظ آخر : إنّ «هذا اللزوم شرطٌ لا موجب»(١) ، فبتوافر هذا الشرط مع غيره تتقوّم دلالة الالتزام ، فأوّلاً لا بدّ من تصوّر الملزوم ، أي المعنى المطابقي ، وهذا متوقّف هو الآخر على ما وضع اللفظ بإزائه ، إضافة إلى وضع اللفظ بإزاء معنىً ما ، والعلم بالوضع ، ثمّ سماع اللفظ أو حضوره بالبال ، وبذلك يكون اللزوم الذهني شرطٌ ضمن عدّة شروط تتقوّم بها دلالة الالتزام ، فكما أنّه لا دلالة التزام من غير لزوم ذهني ، فكذلك لا دلالة التزام من غير تصوّر الذهن للملزوم ، أي للمعنى المطابقي ، ولا دلالة التزام من غير العلم بوضع اللفظ بإزاء المعنى ، ولا دلالة التزام من غير سماع اللفظ الموضوع للمعنى المطابقي أو حضوره بالبال.
* رابعاً : الدلالات اللفظية بَيْن الحقيقة والمجاز
في هذه المسألة يتناول الشيخ مَيْثَم البحراني مسألة جديدة ومهمّة مرتبطة بما سبق ، وهي : هل استعمال الدلالات الثلاث ـ المطابقة والتضمّن والالتزام ـ استعمالٌ حقيقي أو مجازي؟ أو أنّه في بعضها حقيقي وفي بعضها الآخر مجازي؟ أو أنّ للشيخ تصنيف ورأي مختلفَيْن؟
يرى الشيخ مَيْثَم أنّ استعمال الدلالة المطابقية استعمالٌ حقيقي ، وقد
__________________
(١) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٣٠١.