«فإنّ في ذلك حكمة شريفة ولطفاً خفيّاً إذ يكون من البشر أنبياء ورسل وأئمّة فيهم شهوة وغضب وهم مع ذلك في أعلى درجات الطهارة والعصمة الاختيارية والطاعة والعبادة لله والتفاني في خدمة الناس وإصلاحهم»(١).
وفي هذا الصدد يحدّد البلاغي منهجه هذا ويميّزه من دعاة الكشفية وأرباب الباطنية بقوله :
«وأمّا الذين تهاجموا بآرائهم على تفسير القرآن بما يسمّونه ـ تفسير الباطن ـ ركوناً بآرائهم إلى مزاعم المكاشفة والوصول ونزعات التفلسف أو التجدّد وحبّ الانفراد والشهرة بالقول الجديد ـ وإن كان فيها ما فيها ـ قد أثروا متاهة الرأي على النهج السويّ عن أصول العلم وفارقوه على أوّل خطوة»(٢).
المبحث الرابع
الإيجاز غير المخلّ والإسهاب غير المملّ
أسلوب البلاغي في تفسيره جامعاً مانعاً ، ففي معرض حديثه نجده من السهل الممتنع ، وكان ديدنه الاختصار وعدم التفصيل إلاّ لما به ضرورة ، وسمة الإيجاز طبعت تفسيره ولكن فيه من التركيز ودقّة الأداء ما جعله صالحاً للمبتدئين والمنتهين فمن ذلك أنموذجاً :
__________________
(١) آلاء الرحمن ١ / ٨٣.
(٢) آلاء الرحمن ١ / ٧٤.