الشريف الرضى بين أهل
السنة والشيعة
قضى الله أن يكون الشريف الرضى فى عصر
استحكمت فيه أسباب الخلاف بين أهل السنة والشيعة ، ولقد سبق أن أشرنا إلى أنه شهد
فى السنة الثانية من طفولته تلك الفتنة المروعة التي حدثت بالكرخ واحترقت فيها دور
ودكاكين وأناسى كثيرون. ولم تكن الفتن المذهبية متركزة فى مكان بعينه ، ولكنها
كانت فى العراق كله ، بل فى مدن كثيرة من بلاد فارس. وكانت كل مدينة تتلون بلون
مذهبى خاص ، فكان فى مدينة « قم » غلاة من الشيعة ، وكانت أصفهان مثلا يغلب عليها
مذهب أهل السنة ، وكان يكفى أن يقال مثلا إن شيعيا سب الصحابة أو بعضهم ، أو أن
سنيا غالى فى مدح معاوية ، فتقوم من أجل ذلك فتنة لا قبل بإطفائها. والوقائع فى
ذلك كثيرة لا ينقصنا استحضارها الآن للاستشهاد ، ولكن الخير أن يلقى على ذلك كله
ستار من النسيان لأما للجراح ، ورأبا للصدوع.
لقد تعرض كثير من الأشخاص للأذى من جراء
هذه الفتن المذهبية التي لا طائل تحتها ، فوق ما تعرضت له المدن والجماعات من
أحداث جسام. فلقد قبض معز الدولة بن بويه على الخليفة المستكفى ، وأنزله من على
عرشه بصورة مهينة ، لأن المستكفى اتهم بأنه كان قد قبض على رئيس الشيعة.
وبلغ من اشتداد النزاع بين هاتين
الفرقتين من فرق المسلمين أن الفتنة التي قامت ببغداد سنة ٣٤٩ ه تعطلت من أجلها
صلاة الجمعة بمساجد أهل السنة.
ولعل نظرة على أحداث ذلك القرن عاما
عاما فى كتاب « المنتظم » أو « الكامل »