وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [٥١] وهذه استعارة. والمراد بالإزلاق هاهنا : إزلال القدم حتى لا يستقر على الأرض. وذلك خارج على طريقة للعرب معروفة. يقول القائل منهم : نظر إلىّ فلان نظرا يكاد يصرعنى به. وذلك لا يكون إلا نظر المقت والإبغاض ، وعند النزاع والخصام. وقال الشاعر (١) :
يتقارضون إذا التقوا فى موقف |
|
نظرا يزيل مواقف الأقدام |
وقد أنكر بعض العلماء أن يكون المراد بقوله تعالى : ﴿ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ﴾ الإصابة بالعين ، لأن هذا من نظر السخط والعداوة ، وذلك من نظر الاستحسان والمحبّة.
ومن السور التي يذكر فيها « الحاقة »
قوله تعالى : ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ﴾ [٦] وهذه استعارة. والمراد بالصّرصر : الباردة. وهو مأخوذ من الصّرّ ، والعاتية : الشديدة الهبوب التي ترد بغير ترتيب ، مشبّهة بالرجل العاتي ، وهو المتمرد الذي لا يبالى على ما أقدم ، ولا فيما ولج ووقع.
وقوله سبحانه : ﴿ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾ [١٠] وهذه استعارة. والمراد بالرابية هاهنا : العالية القاهرة. من قولهم : ربا الشيء إذا زاد. والرّبا مأخوذ من هذا. فكأن تلك الأخذة كانت قاهرة لهم ، وغالبة عليهم.
وقوله سبحانه : ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [١١] وهذه استعارة.
__________________
(١) لم يذكر « لسان العرب » اسم الشاعر وفى شرح « شواهد الكشاف » لم ينسب لقائل أيضا. انظر اللسان مادة قرض. وقد استشهد الزمخشري بهذا البيت فى حديثه عن هذه الآيات بالذات ، ولكنه روى « نظرا يزل » بدلا من « يزيل » .