ومن حم
وهى السورة التي يذكر فيها « الزخرف »
قوله سبحانه : ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ﴾ [٥] وهذه استعارة. ويقال : ضربت عنه وأضربت عنه بمعنى واحد.
وسواء قولك ذهبت عنه صفحا ، وأعرضت عنه صفحا ، وضربت وأضربت عنه صفحا ، ومعنى صفحا هاهنا أي أعرضت عنه بصفحة وجهى.
والمراد ـ والله أعلم ـ أ فنعرض عنكم بالذّكر ، فيكون الذّكر مرورا بصفحة عنكم من أجل إسرافكم وبغيكم ؟ أي لسنا نفعل ذلك ، بل نوالى تذكيركم لتتذكروا ، ونتابع زجركم لتنزجروا. ولما كان سبحانه يستحيل أن يصف نفسه بإعراض الصفحة ، كان الكلام محمولا على وصف الذّكر بذلك على طريق الاستعارة.
وقوله سبحانه : ﴿ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ [١١] وهذه استعارة. وقد مضى مثلها فيما تقدم ، إلا أن هاهنا إبدال لفظة مكان لفظة. لأن ما مضى (١) من نظائر هذه الاستعارة إنما يكون يرد بلفظ إحياء الأرض بعد موتها. وورد ذلك هاهنا بلفظ الإنشار بعد الموت. وهو أبلغ. لأن الإنشار صفة تختص بها الإعادة بعد الموت ، والإحياء قد يشترك فيه ما يعاد من الحيوان بعد موته ، وما يعاد من النبات والأشجار بعد تسلبه (٢) وجفوفه. يقال : قد أحيا الله الشجر.
__________________
(١) فى الأصل. ( لأن أمضى ) وهو تحريف من الناسخ.
(٢) هكذا بالأصل. ولعلها ( تلبده ) .