ومن السورة التي يذكر فيها « الزّمر »
قوله تعالى : ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ ، وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ [٥] وهذه استعارة. والمعنى : يعلى هذا على هذا. وذلك مأخوذ من قولهم : كار العمامة على رأسه يكورها. إذا أرادها عليه. وقد قالوا : طعنه فكوّره. أي صرعه. ومنه قول أبى كبير الهذلي (١) :
متكورين على المعاري بينهم |
|
ضرب كتعطاط المزاد الأنجل |
ومنه الحديث المأثور : ( نعوذ بالله من الحور بعد الكور ) (٢) أي من الإدبار بعد الإقبال. وقيل من القلة بعد الكثرة. لأنهم يسمّون القطيع الكثير من البقر وغيرها كورا. ومنه قول أبى ذؤيب (٣) فى صفة الثور :
__________________
(١) أبو كبير الهذلي هو عامر بن الحليس. وهو شاعر جاهلى. وله ترجمة فى « الشعر والشعراء » و « الإصابة » و « الخزانة » و « اللآلى » . وزعموا أنه تزوج أم الشاعر « تأبط شرا » وكان هذا غلاما صغيرا فلما رآه يكثر الدخول على أمه تنكر له ... والقصة كاملة فى كتاب « ديوان الهذليين » ج ٢ ص ٨٨ ومتكورين أي بعضهم على بعض ، والمعاري : السوءات. والتعطاط من العط ، وهو الشق ، والأنجل : الواسع.
(٢) فى « أساس البلاغة » : « وأعوذ بالله من الحور بعد الكور » . والباطل فى حور ـ بالضم ـ وهما النقصان ، كالهون والهون. والحديث كاملا فى « المجازات النبوية » طبع القاهرة. صفحة ١١٣ ، ونصه : ( اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر. وكآبة المنقلب ، والحور بعد الكور. وسوء المنظر فى الأهل والمال ) .
(٣) هو أبو ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد ، جاهلى إسلامى ، وكان راوية للشاعر الهذلي ساعدة بن جؤية. وقالوا : إنه خرج مع عبد الله بن الزبير فى مغزى نحو المغرب فمات. وهو صاحب العينية المشهورة التي يرثى بها سبعة من أبنائه ماتوا فى يوم واحد ، ومطلعها :
أ من المنون وريبها نتوجع |
|
والدهر ليس بمعتب من يجزع |
وشعره فى « ديوان الهذليين » طبع دار الكتب المصرية.