ثم ان تعارض المقتضى لليقين ونفس الشك لم يكد يتصور فيما نحن فيه لان اليقين بالمستصحب كوجوب الامساك فى الزمان السابق كان حاصلا من اليقين بمقدمتين صغرى وجدانية وهى ان هذا الآن لم يدخل الليل وكبرى مستفادة من دليل استمرار الحكم الى غاية معينة وهى وجوب الامساك قبل ان يدخل الليل والمراد بالشك زوال اليقين بالصغرى وهو ليس من قبيل المانع عن اليقين والكبرى من قبيل المقتضى له حتى يكونا من قبيل المتعارضين بل نسبة اليقين الى المقدمتين على نهج سواء كل منهما من قبيل جزء المقتضى له والحاصل ان مقتضى ملاحظة النقض بالنسبة الى الشك واحكام المتيقن الثابتة لاجل اليقين اولى من ملاحظته بالنسبة
(اقول) لا يفرق فى ذلك بين طريقة هذا القائل وطريقة القوم وذلك لانّ الدليل عبارة عن المقدّمتين الصغرى والكبرى وبمجرد الشكّ فى وجود إحداهما ارتفع الدليل غاية ما هنا انّه على مذاق هذا القائل الذى قال بحجيّة الاستصحاب فى الشبهات الموضوعية يكون الشكّ فى الصغرى وعلى مذاق القوم الذين عمّموا حجيّته فى الشبهات الحكميّة ايضا يكون الشكّ فى الكبرى وعلى التقديرين يكون الشك فى الدّليل لا انّه محرز والشك فى المانع عنه لكى يعارضه.
(وتوضيح المقال) باتيان المثال فنقول اذا توضّأ المكلّف وشكّ فى وجود البول اليقينى الرّافع يكون شكّه فى الصغرى لان الكبرى اعنى ان كل من توضّأ ولم يبل بعده فهو باق على وضوئه فى حقّه معلومة وانما الشكّ فى انّه توضّأ ولم يبل بعده ام لا وامّا اذا توضّأ وشك بعد صدور المذى منه فى انّه رافع ام لا تكون الصغرى فيه اعنى انّ هذا وضوء وحدث المذى بعده معلوم وانما الشكّ فى الكبرى اعنى كون المذى ناقضا ام لا.