ـ (قوله لما عن النهاية الخ) قال فى النهاية على ما حكى عنه ان اقتضى احدهما الحظر والآخر الوجوب فالاول راجح لان الغالب فى الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل او تقليلها وفى الوجوب تحصيل مصلحة ملازمة للفعل او تكميلها واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفاسد اتم ولان افضاء الحرمة الى مقصودها اتم من افضاء الوجوب الى مقصوده لان مقصود الحرمة يتأتى بالترك سواء كان مع قصد او غفلة بخلاف فعل الواجب انتهى.
(وفيه) ان اهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة اتم غير معلوم فيما لم يحرز اهمية الحرام او احتملت الاهميّة فى جانبه واما ما ارسل عن امير المؤمنين عليهالسلام من ان اجتناب السيئات اولى من اكتساب الحسنات او قوله عليهالسلام افضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيئات ففيه من القصور من حيث السند بالارسال بل الدلالة ايضا للتصريح بالاولوية والافضلية دون الوجوب ما لا يخفى مضافا الى ما فيه من احتمال كون المراد ان اجتناب المحرمات والورع عنها افضل من الاتيان بالنوافل والمستحبات والله العالم.
(وقد اجاب بعض الاعلام) عن الخبرين بما هذا لفظه ان مضمونهما انما هو على طبق الحكم العقلى فى مقام ملاحظة النسبة بين ترك السيئات وفعل الواجبات المحققة من حيث كون احدهما افضل من الآخر واين هذا بمقام تعيين الحرمة فى مقام دوران الامر بينها وبين الوجوب.
(توضيح المقام) ان النفس بنفسها ميّالة الى الشهوات ومتابعة الهوى وهى مطابقة لا محالة لفعل المحرمات ولذا كان ردع النفس عنها فى كمال الصعوبة والمجاهدة معها فى غاية المشقة بخلاف الواجبات ويشهد له ملاحظة حال غير واحد من المؤمنين فانهم فى مقام اتيان الواجبات فى كمال الدقة وصلاتهم دائما على الجماعة وزيارتهم فى قصوى مرتبة الرقة لكنهم غير قادرين على ردع النفس فى مقام الغضب والغيبة واكل المال المشتبه الى غير ذلك.