(ويشهد) بتغاير معنى الايمان فى الموضعين مضافا الى تكرار لفظه تعديته فى الاول بالباء وفى الثانى باللام فافهم وأما توجيه الرواية فيحتاج الى بيان معنى التصديق فنقول ان المسلم اذا أخبر بشىء فلتصديقه معنيان (احدهما) ما يقتضيه ادلة تنزيل فعل المسلم على الصحيح والاحسن فان الاخبار من حيث انه فعل من افعال المكلفين صحيحه ما كان مباحا وفاسده ما كان نقيضه كالكذب والغيبة ونحوهما فحمل الاخبار على الصادق حمل على احسنه (والثانى) هو حمل اخباره من حيث انه لفظ دال على معنى يحتمل مطابقته للواقع وعدمها على كونه مطابقا للواقع بترتيب آثار الواقع عليه والمعنى الثانى هو الذى يراد من العمل بخبر العادل واما المعنى الاول فهو الذى يقتضيه ادلة حمل فعل المسلم على الصحيح والاحسن وهو ظاهر الاخبار الواردة فى ان من حق المؤمن على المؤمن ان يصدقه ولا يتهمه خصوصا مثل قوله عليهالسلام يا أبا محمد كذّب سمعك وبصرك عن اخيك فان شهد عندك خمسون قسامة انه قال قولا وقال لم اقله فصدقه وكذبهم الخبر فان تكذيب القسامة مع كونهم ايضا مؤمنين لا يراد منه الا عدم ترتيب آثار الواقع على كلامهم لا ما يقابل تصديق المشهود عليه فانه ترجيح بلا مرجح بل ترجيح المرجوح نعم خرج من ذلك مواضع وجوب قبول شهادة المؤمن على المؤمن وان انكر المشهود عليه.
(اقول) ان الشاهد على ما ذكره قدسسره من ان المراد من التصديق مجرد اظهار القبول وعدم المبادرة الى تكذيبه اثنان الاول تكرار لفظ الايمان حيث قال عزوجل (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) فلو كان المراد من الايمان معنى واحدا لقال يؤمن بالله وللمؤمنين والثانى تعدية كلمة يؤمن بالباء فى الجملة الاولى وباللام فى الجملة الثانية فاختلاف التعدية يدل على اختلاف المراد من الايمان فى الموضعين (وفيه) ان الايمان بمعنى التصديق القلبى فان كان متعلقا بوجوب شىء تكون تعديته بالباء كما فى قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) الآية وان كان متعلقا بقول شخص كانت تعديته باللام كما فى قوله سبحانه (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) وحينئذ تدل التعدية باللام بالنسبة الى المؤمنين