(م) الثالث ان لا يكون للامارة القائمة على الواقعة تأثير فى الفعل الذى تضمنت الامارة حكمه ولا تحدث فيه مصلحة إلّا ان العمل على طبق تلك الامارة والالتزام به فى مقام العمل على انه هو الواقع وترتيب الآثار الشرعية المترتبة عليه واقعا يشتمل علي مصلحة فاوجبه الشارع ومعنى ايجاب العمل على الامارة وجوب تطبيق العمل عليها لا وجوب ايجاد عمل على طبقها اذ قد لا تتضمن الامارة الزاما على المكلف فاذا تضمنت استحباب شىء او وجوبه تخييرا او اباحة وجب عليه اذا اراد الفعل ان يوقعه على وجه الاستحباب او الاباحة بمعنى حرمة قصد غيرهما كما لو قطع بهما وتلك المصلحة لا بد ان تكون مما يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع لو كان الامر بالعمل به مع العلم وإلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع وهو قبيح كما عرفت فى كلام ابن قبة.
(ش) اقول حاصل الوجه الثالث هو ثبوت المصلحة السلوكية بسبب قيام الامارة مع بقاء الواقع والمؤدى على ما هما عليه من المصلحة والمفسدة من دون ان يحدث فى الفعل مصلحة بسبب قيام الامارة اصلا كما هو فى الوجه الاول والثانى بل المصلحة فى سلوك الامارة وتطبيق العمل على مؤداها والبناء على انه هو الواقع وبهذه المصلحة السلوكية يتدارك ما فات علي المكلف من مصلحة الواقع بسبب قيام الامارة على خلافه وإلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع وهو قبيح كما عرفت فى كلام ابن قبة توضيح ذلك مثلا لو قامت الامارة عند المكلف على عدم وجوب صلاة الظهر فى يوم الجمعة فتركها فان لم ينكشف له الخلاف اصلا كان المتدارك بالمصلحة السلوكية مصلحة اصل الصلاة وان انكشف الخلاف بعد انقضاء وقت الفضيلة فيتدارك بها ما فات من فضل الوقت وان انكشف بعد تمام الوقت يتدارك بها مصلحة الوقت هذا فيما اذا كان الترك مستندا الى قيام الحجة واما اذا لم يكن الترك مستندا اليه كالترك بعد انكشاف الخلاف فيكون طغيانه مفوتا لمصلحة الواقع فليس هناك سلوك ليتدارك به ما فات من مصلحة الواقع ومن ثم لو سئل عن وجه عدم اعادة الصلاة بعد ما انكشف الخلاف لا يمكنه الاستناد فى ذلك الى قيام الحجة بخلاف ما اذا سئل عنه قبل انكشاف الخلاف فانه يستند فيه الى الحجة والسر فى جميع ذلك ان المصلحة على الفرض انما هى فى السلوك فيدور مداره ـ