لكنّه اختار في غير واحد من كتبه الحكم بنجاسة الماء ، وتبعه عليه الشهيدان وغيرهما وهو المختار ، بناء على ما عرفت تحقيقه ، وأنّه إذا ثبت بأصالة عدم التذكية موت الصيد جرت عليه جميع أحكام الميتة التي منها انفعال الماء الملاقي له.
نعم ، ربّما قيل : إنّ تحريم الصيد إن كان لعدم العلم بالتذكية فلا يوجب تنجيس الملاقي ،
____________________________________
أمر آخر ليكون ميتة ، حكم العلّامة رحمهالله بطهارة الماء ، مع أنّ مقتضى الأصل السببي ـ أعني : استصحاب عدم التذكية ـ نجاسته الموجبة لتنجّس الماء ، فالعلّامة لم يقدم الأصل السببي على المسبّبي قطعا وإلّا لحكم بنجاسة الماء ، فحكمه بطهارة الماء ؛ إمّا من جهة قاعدة الطهارة بعد الحكم بتعارض الأصل السببي والمسبّبي وتساقطهما ، وإمّا من جهة الجمع بينهما ، والشاهد على ذلك على ما في التنكابني :
قد حكى في مفتاح الكرامة عنه في التحرير أنّه بعد اختياره التنجيس قوّى العمل بالأصلين ، ولازم ذلك هو طهارة الماء وحرمة الصيد واحتمله في القواعد ، ثمّ قال : والوجه المنع ، واختار العمل بالأصلين جامع المقاصد والذخيرة وغيرهما وإليه ذهب السيد صدر الدين في شرح الوافية على ما حكي ، واختاره المحقّق القمّي في القوانين ، وفي مفتاح الكرامة : إنّ العلّامة في المنتهى نقل عن الشيخ إنّه اختار العمل بالأصلين في بعض كتبه ، ثمّ قال : وليس بجيّد.
وكيف كان ، فالعمل بالأصلين ثابت ولو عن بعض.
لكنّه اختار في غير واحد من كتبه الحكم بنجاسة الماء تقديما للأصل السببي على المسبّبي وتبعه عليه الشهيدان وغيرهما وهو المختار ، بناء على ما عرفت تحقيقه من تقدم الاستصحاب في الشكّ السببي على الاستصحاب في الشكّ المسبّبي وأنّه إذا ثبت بأصالة عدم التذكية موت الصيد أي : من دون تذكية جرت عليه جميع أحكام الميتة التي منها انفعال الماء الملاقي له.
هذا الكلام من المصنف قدسسره ظاهر في أنّ الحكم بالحرمة والنجاسة مترتّب على الميتة ، أي : الموت حتف الأنف لا على عدم التذكية ، وأنّ أصالة عدم التذكية تثبت الموت حتف الأنف ، وهذا الكلام إنّما يتمّ بناء على كون اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ، كما هو مذهب العلّامة والشهيدين قدسسره فيكون الكلام المذكور مبنيّا على مذهبهم لا على مذهبه.