الصدور ، ولا إشكال في وجوب الأخذ به.
وكذا الترجيح بموافقة الأصل ، ولأجل ما ذكر لم يذكر ثقة الإسلام رضوان الله عليه ، في مقام الترجيح ، في ديباجة الكافي سوى ما ذكر ، فقال :
«اعلم يا أخي أرشدك الله ، أنّه لا يسع أحدا تمييز شيء ممّا اختلفت الرواية فيه من العلماء عليهمالسلام ، برأيه إلّا على ما أطلقه العالم عليهالسلام ، بقوله : (أعرضوهما على كتاب الله عزوجل ، فما وافق كتاب الله عزوجل فخذوه ، وما خالف كتاب الله عزوجل فذروه) ، وقوله عليهالسلام : (دعوا ما وافق القوم ، فإنّ الرشد في خلافهم) ، وقوله عليهالسلام : (خذوا بالمجمع عليه ، فإنّ المجمع عليه ممّا لا ريب فيه) ، ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه ، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم عليهالسلام ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : (بأيّهما أخذتم من باب التسليم وسعكم) (١)». انتهى.
____________________________________
وأمّا الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة فهو ليس من باب الترجيح والتقوية ، بل من باب اعتضاد أحد الخبرين بدليل قطعي الصدور ، أعني : الكتاب.
وذلك فإنّ الكتاب دليل مستقلّ في نفسه ، فإذا كان أحد الخبرين موافقا له دون الآخر حصل هناك دليلان مستقلّان قد اعتضد أحدهما بالآخر ، فلا بدّ من وجوب العمل بما يوافقه دون الآخر ؛ لأنّ الدليل المعتضد بدليل آخر لا يكون في مرتبة الدليل الذي لا يعاضده شيء ، وليس ذلك من باب الترجيح ؛ لأنّ المراد به ترجيح أحد الدليلين على الآخر بمزيّة لا تكون حجّة ومعتبرا بنفسه ، فلا بدّ في ترجيح ذي المزيّة على غيره من الدليل.
وكذا الترجيح بموافقة الأصل حيث يكون من باب الاعتضاد فلا يسمّى ترجيحا مصطلحا ، ولأجل ما ذكر ، أي : لأجل ما ذكر من أنّ المستفاد من الأخبار هو الترجيح بالمرجّحات المنصوصة من الشهرة وما بعدها ، لم يذكر ثقة الإسلام ، أي : الكليني.
رضوان الله عليه ، في مقام الترجيح ، في ديباجة الكافي سوى ما ذكر من الترجيح بالشهرة والأعدليّة والأوثقيّة ، ومخالفة العامة بإسقاط ميل الحكّام لدخوله في مخالفة
__________________
(١) الكافي ١ : ٨. الوسائل ٢٧ : ١١٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٩. وفيهما (فردّوه) بدل (فذروه).