فإذا فعل إحداهما وشكّ في رفع الحدث ، فالأصل بقاؤه ، وإن كان الأصل عدم تحقّق الجنابة فيجوز له ما يحرم على الجنب ، أم كان الشكّ من جهة المقتضي ، كما لو تردّد من في الدار بين كونه حيوانا لا يعيش إلّا سنة ، وكونه حيوانا يعيش مائة سنة ، فيجوز بعد السنة الاولى
____________________________________
وأمّا على تقدير كونها هو الحدث الأصغر ، فلأنّ مقتضى استصحابه هو وجوب الوضوء فقط ، وذلك فإنّ الحدث الجديد إمّا حدث أصغر أو أكبر ، وعلى التقديرين لا أثر له.
أمّا على تقدير كونه أصغر ، فلأجل أنّه لا أثر للحدث بعد الحدث ، بل يجب وضوء واحد ، وأمّا على تقدير كونه حدثا أكبر ، فلأنّ مقتضى الأصل هو عدم حدوثه ، لأنّ الشكّ بالنسبة إليه شكّ بدويّ في أصل حدوثه ، فتجري أصالة عدم الحدوث فيه. ويترتّب عليها جواز الدخول في الصلاة بعد الوضوء من دون حاجة إلى الغسل.
نعم لو كان المكلّف عالما بسبق الطهارة أو جاهلا بحاله ثمّ علم إجمالا بالحدث الأصغر أو الأكبر وجب عليه حينئذ الجمع بين الطهارتين ؛ وذلك ليس من جهة اقتضاء استصحاب الحدث بنفسه لذلك حتى يقال بأنّ وجوب الغسل يكون من الأحكام الخاصّة للحدث الأكبر ، كما أنّ وجوب الوضوء من الأحكام الخاصّة للحدث الأصغر ؛ فكيف يمكن الحكم بوجوب الغسل بعد الوضوء باستصحاب كلّي الحدث؟!.
بل الجمع بين الطهارتين يكون من جهة اقتضاء استصحاب الكلّي عدم جواز الدخول في الصلاة إلّا بعد إحراز الطهارة ، وإحرازها لا يحصل إلّا بإتيان كلّ من الوضوء والغسل ، ولهذا يجب الجمع بينهما ، ثمّ الجمع بينهما إنّما هو للآثار المشتركة ، كما أشار إليه بقوله :
(فإذا فعل إحداهما وشكّ في رفع الحدث ، فالأصل بقاؤه) ، أي : بقاء الحدث وترتيب الأثر المشترك ، كعدم جواز مسّ المصحف عليه.
(وإن كان الأصل عدم تحقّق الجنابة فيجوز له ما يحرم على الجنب) ، فلا يترتّب على استصحاب كلّي الحدث أثر خصوص الجنابة ، بأن يحكم بحرمة ما يحرم على الجنب ، كدخول المساجد وقراءة العزائم.
وما ذكر من تردّد الحدث بين الأصغر والأكبر مثال للشكّ في الرافع ، وقد أشار إلى مثال الشكّ من جهة المقتضي بقوله :