ولعلّ هذا أو بعضه منشأ إطلاق جماعة وتصريح آخرين بجواز تصرّف المالك في ملكه وإن تضرّر الجار بأن يبني داره مدبغة أو حمّاما أو بيت القصارة أو الحدادة ، بل حكي عن الشيخ والحلبي وابن زهرة دعوى الوفاق عليه.
ولعلّه أيضا منشأ ما في التذكرة من : «الفرق بين تصرّف الإنسان في الشارع المباح بإخراج روشن أو جناح ، وبين تصرّفه في ملكه» حيث اعتبر في الأوّل عدم تضرّر الجار ، بخلاف الثاني ، فإنّ المنع من التصرّف في المباح لا يعدّ ضررا ، بل فوات انتفاع.
____________________________________
يكون ما هو الأعمّ من العموم والأصل العملي ، فالظاهر ـ حينئذ ـ أن يكون المراد من مرجع ضمير التثنية في (تعارضهما) ضررين ، فمعنى عبارة المصنّف قدسسره ـ حينئذ ـ أنّه يمكن الرجوع إلى قاعدة نفي الحرج ، إمّا لحكومتها ابتداء على نفي الضرر ، وإمّا لتعارض الضررين ، ثمّ الرجوع إلى قاعدة نفي الحرج وعموم (الناس مسلّطون على أموالهم) ، أو إلى الأصل العملي كالبراءة مثلا على فرض عدم الدليل الاجتهادي.
ويحتمل أن يكون المراد بالأصل هو الأصل العملي فقط ، فالظاهر أن يكون المراد من مرجع الضمير هو قاعدة نفي الحرج وقاعدة نفي الضرر ، أي : يرجع إلى الأصل من البراءة واستصحاب السلطنة مع تعارضهما ، إلّا أنّ هذا الاحتمال لا يناسب ما ذكر من الرجوع إلى قاعدة نفي الحرج ، لأنّ الرجوع إلى البراءة أو السلطنة ليس رجوعا إلى قاعدة نفي الحرج ، فتأمّل.
(ولعلّ هذا) ، أي : الرجوع إلى كلتا القاعدتين ، أي : قاعدة نفي الحرج والسلطنة ، (أو بعضه) ، أي : الرجوع إلى إحداهما بعد تعارض الضررين (منشأ إطلاق جماعة وتصريح آخرين بجواز تصرّف المالك في ملكه وإن تضرر الجار ، بأن يبني داره مدبغة) للجلود(أو حماما أو بيت القصارة) للملابس (أو الحدادة ، بل حكي عن الشيخ والحلبي وابن زهرة دعوى الوفاق عليه) ، أي : جواز تصرّف المالك في ملكه.
(ولعلّه أيضا منشأ ما في التذكرة من : الفرق بين تصرّف الإنسان في الشارع المباح بإخراج روشن) وهي جمع الرواشن ، ومعناها بأن يخرج أخشابا إلى الدرب ويبني عليها وتجعل لها قوائم من السقف كما في الأوثق نقلا عن الطريحي ، ويمكن أن يكون المراد بها الشبابيك (أو جناح) بأن يخرج شيء من فوق البناء إلى الطريق ، كما هو المتعارف في بعض