الثالث : ما دلّ على مؤاخذة الجهّال بفعل المعاصي المجهولة ، المستلزم لوجوب تحصيل العلم ، لحكم العقل بوجوب التحرّز عن مضرّة العقاب.
مثل قوله صلىاللهعليهوآله ، فيمن غسل مجدورا أصابته جنابة ، فكزّ ، فمات : (قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا ، ألا يمّموه؟) (١).
وقوله صلىاللهعليهوآله لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء : (ما كان أسوأ حالك لو متّ على هذه الحالة!) (٢) ، ثمّ أمره بالتوبة وغسلها.
____________________________________
إلى البراءة قبل الفحص والتعلّم لم يجب التعلّم بالنفر لغاية التفقّه ، أو بسؤال أهل العلم كما في الآية ، أو بالطلب كما في الرواية الاولى ، ولم يتوجّه الذمّ والعتاب على من ترك السؤال ، كما في الرواية الثانية.
إلّا أن يقال : إنّ الاستدلال بما دلّ على وجوب السؤال على وجوب الفحص قبل الرجوع إلى البراءة ، إنّما يتمّ على مقالة المشهور دون الأردبيلي قدسسره حيث ذهب إلى أنّ السؤال واجب نفسي ، كما هو ظاهر هذه الأدلّة ، فإنّه لا منافاة حينئذ بين ترتّب العقاب على ترك السؤال وجواز البراءة في المشتبهات ، وترك الاحتياط فيها قبل الفحص ، كما في تعليقة المرحوم غلام رضا قدسسره.
(الثالث : ما دلّ على مؤاخذة الجهّال بفعل المعاصي المجهولة ، المستلزم لوجوب تحصيل العلم ، لحكم العقل بوجوب التحرّز عن مضرّة العقاب) فتكون دلالة هذه الأخبار على وجوب التعلّم بالالتزام العقلي من جهة وجوب الاجتناب عقلا عن مضرّة العقاب في ترك التعلّم.
(مثل قوله صلىاللهعليهوآله فيمن غسل) ، أي : أمر بالغسل (مجدورا) ، أي : مصابا بالجدري ، وهو قسم من المرض الجلدي (أصابته جنابة ، فكزّ) ، أي : ابتلى بالكزاز ، وفي الأوثق الكزّاء داء يتولّد من شدّة البرد(فمات : (قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا ، ألا يمّموه؟) ، «ألّا» في كلا الموضعين للتوبيخ ، فيدلّ على وجوب السؤال.
(وقوله صلىاللهعليهوآله لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء) لجهله بحرمة ذلك : (ما كان
__________________
(١) الفقيه ١ : ٥٩ / ٢١٨. الوسائل ٣ : ٣٤٦ ، أبواب التيمم ، ب ٥ ، ح ٣ ، باختلاف يسير فيهما.
(٢) الكافي ٦ : ٤٣٢ / ١٠ ، الوسائل ٣ : ٣٣١ ، أبواب الأغسال المندوبة ، ب ١٨ ، ح ١.