ففيه : إنّه إن اريد عدم وجودهما ، ففيه ما لا يخفى. وإن أريد ندرتهما ، ففيه : إنّ الندرة تمنع من اختصاص النبوي بالنادر لا من شمولها له ، مع أنّ دعوى كون الحلال البيّن من حيث الحكم أكثر من الحلال البيّن من حيث الموضوع قابلة للمنع ، بل المحرّمات الخارجيّة المعلومة أكثر بمراتب من المحرّمات الكلّيّة المعلوم تحريمها.
ثم قال : «ومنها : ما ورد من الأمر البليغ باجتناب ما يحتمل الحرمة والإباحة بسبب تعارض الأدلّة وعدم النصّ ، وذلك واضح الدلالة على اشتباه نفس الحكم الشرعي».
____________________________________
(ففيه : إنّه إن اريد عدم وجودهما ففيه ما لا يخفى).
إذ كلاهما موجود ، فإنّ ماء النبع والغزال في الجبال ـ مثلا ـ من الحلال البيّن ، والخمر والميسر ـ مثلا ـ من الحرام البيّن.
(وإن اريد ندرتهما ففيه ... إلى آخره).
أي : وإن اريد ندرة الحلال والحرام البيّنين من حيث الموضوع ، ففيه :
أوّلا : إنّ الندرة لا تمنع عن شمول النبوي للنادر ، بل تمنع عن اختصاصه به.
وثانيا : نمنع كثرة الحلال والحرام البيّنين من حيث الحكم ، وندرتهما من حيث الموضوع ، بل الأمر بالعكس ؛ لأنّ المحرّمات الخارجيّة المعلومة أكثر بمراتب من المحرّمات الكلّيّة المعلومة.
وبالجملة ، إنّا نمنع أوّلا : من أكثريّة المحلّلات من حيث الحكم من المحلّلات من حيث الموضوع. وثانيا : ندّعي أكثريّة المحرّمات من حيث الموضوع من المحرّمات من حيث الحكم.
(ثم قال : «ومنها : ما ورد من الأمر البليغ باجتناب ما يحتمل الحرمة والإباحة بسبب تعارض الأدلّة ، وعدم النصّ ، وذلك واضح الدلالة على اشتباه نفس الحكم الشرعي»)
قال الحرّ العاملي قدسسره في مقام الاستدلال على التفصيل المزبور : إنّ من جملة ما يدلّ على وجوب الاحتياط في الشبهة الحكميّة ما ورد من الأمر باجتناب ما يحتمل الحرمة والإباحة فيما إذا كان الاشتباه من جهة تعارض النصّين ، أو عدم النصّ ، ومن المعلوم أنّ الشبهة فيما إذا كان الاشتباه فيها من جهة تعارض النصّين ، أو عدم النصّ حكميّة ، فالمستفاد ممّا دلّ على وجوب الاجتناب عن محتمل الحرمة في مورد تعارض الأدلّة ،