والإنصاف أنّه لم يحصل في مسألة يدّعي فيها الإجماع ـ من الإجماعات المنقولة ، والشهرة العظيمة القطعيّة ، والأمارات الكثيرة الدالّة على العمل ـ ما حصل في هذه المسألة ، فالشاك في تحقّق الإجماع في هذه المسألة ، لا أراه يحصل له الاجماع في مسألة من المسائل الفقهيّة ، اللهمّ إلّا في ضروريّات المذهب.
لكنّ الإنصاف أنّ المتيقّن من هذا كلّه الخبر المفيد للاطمئنان ، لا مطلق الظنّ ، ولعلّه مراد السيّد من العلم ، كما أشرنا إليه آنفا ، بل ظاهر كلام بعض احتمال أن يكون مراد السيّد قدسسره من خبر الواحد غير مراد الشيخ قدسسره.
قال الفاضل القزوينيّ في لسان الخواص ، على ما حكي عنه :
«إنّ هذه الكلمة ـ أعني : خبر الواحد ـ على ما يستفاد من تتبّع كلماتهم ، يستعمل في ثلاثة معان :
أحدها : الشاذّ النادر الذي لم يعمل به أحد ، أو ندر من يعمل به ، ويقابله ما عمل به كثيرون.
الثاني : ما يقابل المأخوذ من الثّقات ، المحفوظ في الاصول المعمولة عند جميع خواصّ الطائفة فيشمل الأوّل ومقابله.
الثالث : ما يقابل المتواتر القطعيّ الصدور ، وهذا يشمل الأوّلين وما يقابلهما».
ثمّ ذكر ما حاصله : «إنّ ما نقل إجماع الشيعة على إنكاره هو الأوّل ، وما انفرد السيّد قدسسره بردّه هو الثاني ، وأمّا الثالث فلم يتحقّق من أحد نفيه على الإطلاق» انتهى.
وهو كلام حسن ، وأحسن منه ما قدّمناه ، من أنّ مراد السيّد من العلم ما يشمل الظنّ الاطمئنانيّ ، كما يشهد به التفسير المحكيّ عنه للعلم بأنّه ما اقتضى سكون النفس ، والله
____________________________________
الثقة ، وإلّا لا معنى للسؤال عن كون فلان ثقة أم لا.
بل يكون من يمنع حجّية خبر الواحد مبدعا في الدين ، فيعد من الفاسقين ، كما يظهر من الحكاية المذكورة في المتن ، حيث إنّه لم يزر صاحب المدارك المولى عبد الله التستري ، واعتذر بأنّه لا يرى العمل بأخبار الآحاد ، فيكون مبدعا.
ثمّ نقل رواية مضمونها : إنّ من زار مبدعا فقد خرب الدين (١).
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٣٧٥ / ١٧٧١. الوسائل ١٦ : ٢٧١ ، أبواب الأمر والنهي ، ب ٤٠ ، ح ٧.