المولى من مخلوقات ميزات خيرة وميزات مؤذية ، سبحان حكمته في خلقه التي لم يدرك كنهها إلا القلة القلة من «العارفين» ولقد أمرنا المولى أن نلتجئ إليه ، من خلال تعاليمه في كتابه الكريم لاتقاء البلايا والمصائب التي قد تأتي من الغير : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (الفلق) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (الناس).
٨ ـ المصيبة قد تكون لخير الإنسان
(المصيبة لخيرك)
والمعنى الثامن للمصيبة أنها قد تكون لخير الإنسان ولكن عدم معرفة الإنسان بالغيب ، وبما سيكون عليه المستقبل يجعله يثور ويعترض على الواقع ، ويعجز عن فهم معنى البلية. ولو أيقن بما روي عن الرسول الكريم لاطمأنت نفسه : «لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع». ولو فهم بعد المعنى وعمق المقصد في حوار موسى مع العبد الصالح في سورة «الكهف» والتي تتكرر أحداثها بصور مختلفة كل يوم لشكر الله وحمده على بلائه.
لقد عجز منطق موسى عليهالسلام ، وهو كليم الله ونبي من أولي العزم ، أن يفهم الحكمة من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، وكذلك أصحاب السفينة ووالدي الغلام ، أما عند ما تتكشف الحجب عن الحقيقة ويعلم أصحاب السفينة أنهم كانوا سيفقدون مصدر رزقهم لو لم يعبها العبد الصالح ، لأنه (كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) فسيقولون الحمد لله على هذا الضرر الذي كان لخيرنا. وكذلك بالنسبة إلى موت الفتى ، إذ كان موته رحمة به فقد دخل الجنة ، إذ قتله العبد الصالح قبل أن يبلغ سن الحساب ، ورحمة بوالديه المؤمنين والذي كان (يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً).