المفردات ، وسياق الجملة في الآيات من المثاني هو الذي يعطي للكلمات معانيها وليس العكس ، فمن الأمثلة على ذلك معنى كلمة «مكر» فهي تعني عمل عملا سيئا في موضع ، و «عاقب» في معنى آخر ، استنادا إلى قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ). ويشرح هذه الآية الكريمة قوله تعالى في آية أخرى وهي من مثاني الأولى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (النحل : ٤٥ ـ ٤٧).
حبذا لو وضع علماء اللغة عندنا ، من المتقين ، الذين يريدون تفسير معاني المفردات في كتاب الله الكريم معجما جامعا لمعاني هذه المفردات استنادا إلى قاعدة المثاني القرآنية.
القاعدة القرآنية الثالثة : الثابت من الحديث الشريف هو المعتمد في تفسير البعض من آيات الله : (... وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل : ٤٤). (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل : ٦٤).
فالرسول الكريم لم يفسر لنا إلا آيات العقيدة والأحكام وبعضا من الآيات العلمية في حقل العلوم المادية ربما ، والله أعلم ، التزاما منه بقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ). (ص : ٨٧ ـ ٨٨).
ومن الأحاديث الشريفة ، نحن لا نعتمد إلا المذكور في الكتب الصحاح للأحاديث التي اتفق عليها علماء الأحاديث ، شرط أن لا يتعارض أي حديث مهما كانت صحته مع كتاب الله الكريم استنادا لقوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ